فالدليل على كفرهم أنهم تقلدوا بشرائع ليست من الله تعالى، وذلك شرك بالله بدليل قوله تعالى: [{أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}[الشورى:21] وقوله تعالى:] {ولا يشرك في حكمه أحدا}[الكهف:26]، وقوله تعالى: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون}[الأنعام:121]، وقوله تعالى: {ولا تكونوا من المشركين،من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون}[الروم:31،32]، ومن كان كذلك فهو من الذين فرقوا دينهم؛ لأن دين الله لا يصح التفرق فيه؛ لقوله تعالى: {أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}[الشورى:13]، وقوله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}[آل عمران:103] وقوله تعالى: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا}[آل عمران:105]، وقد بلغنا [في ذلك] عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن قوله تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} [التوبة:31] الآية، فقال صلى الله عليه وآله: ((أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم أحلوا لهم ما حرم الله، وحرموا عليهم ما أحل الله))، ومن ذلك اعتقاد كون اللهو واللعب دينا؛ لأن الله لم يشرعه،ولقوله تعالى: {قالوا إن الله حرمهما على الكافرين الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا} [الأعراف:50،51] الآية، ولقوله تعالى: {وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون}[الأنعام:70].
ومن ذلك الفدو، ونسايك رجب، والسلوك في طريق دون أخرى، والمسير في يوم دون آخر، وكسر البيض، ونثر الحب مقلوا، وتفريق شيء من الطعام واللبن والسمن، والذبح للأشجار والأحجار، إذا كان خوفا من الجن أو الأيام أو النجوم أو غيرها، أو رجاء لها في حصول ولد، أو عافية مريض، أو السلامة في الطريق، أو الظفر بمطلوب ما؛ لأن الله سبحانه لم يشرع شيئا من ذلك، وعدم كون ذلك مشروعا معلوم من الدين ضرورة، ولأن اعتقاد أن الجن أو الأيام أو نحوها تضر رد لقوله تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال}[الرعد:11]، وقوله تعالى: {إن كل نفس لما عليها حافظ}[الطارق:4].
Página 69