[حكم المجبرة والمشبهة]
والدليل على ذلك: أما كون الجبر والتشبيه كفرا؛ فلأنهما من صفات المناقص، ومن وصف الله بصفات المناقص فقد كفر، ألا ترى أن عبدا لأمير مثلا لو فعل فعلا قبيحا مسترذلا عند العقلاء مما يستنقصون به فاعله ثم تبرأ من ذلك، ونسبه إلى سيده الأمير أو شبه سيده بنفسه أو بغيره من سائر العبيد في أمر يختص العبيد، ولا يكون لأحد من الأحرار، أليس قد انتقص سيده بذلك؟ !وصغره وحقره! والجبر والتشبيه من ذلك إلا أن بين الأمرين تفاوتا عظيما؛ لأنهما استنقاص بإله العالمين -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا -، والمعلوم من الدين ضرورة أن من استنقص بإله العالمين فهو كافر، وأي كفر يكون أعظم من كفر من يبرئ عبدة العجل والأوثان! ويقول: إنما فعل ذلك الرحمن -تعالى عنه علوا كبيرا-، وكفر من لا يعرف الله البتة ويعبد جسما غيره.
ومن الدليل على كفرهم من الكتاب قوله تعالى: {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين}[العنكبوت:68]، وقوله تعالى: {فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين}[الزمر:32].
Página 64