وقال إبراهيم مستفهما : { أئفكا آلهة دون الله تريدون } [الصافات:86]. ومن هنا تعلم أن الكفار غير مقرين بتوحيد الإلهية، ولا الربوبية، كما توهمه من توهم من قوله:{ ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم } [الزخرف:9]، قل من يرزقكم من السماء والأرض ...} إلى قوله: {فسيقولون الله} [يونس:31] (¬6). فهذا إقرار بتوحيد الخالقية والرازقية ونحوهما لله، لا أنه إقرار بتوحيد الإلهية، لأنهم يجعلون أوثانهم آلهة أربابا، كما عرفت، فهذا الكفر الجاهلي كفر اعتقاد، ومن لازمه كفر العمل، بخلاف من اعتقد في الأولياء النفع والضر، مع توحيد الله، والايمان به، وبرسله، وباليوم الآخر، فإنه كفر عمل، فهذا تحقيق بالغ، وإيضاح لما هو الحق، من غير إفراط ولا تفريط.
نعم قد أشرنا لك إلى أن بعض الكفر العملي [ الذي ] يضآد الايمان، ويصير فاعله في حكم الكفر الإعتقادي، قد أشرنا إليه بقولنا:
بلى بعض هذا الكفر يخرج فاعلا
له أن يكن (¬1) للشرع والدين كالضد
كمن هو للأصنام يصبح ساجدا
وساب رسول الله فهو أخو الجحد
فالسجود للصنم، وسب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقتله، والاستهانة بالمصحف من الكفر العملي في صورته (¬2)، لكنه يضآد الإيمان فله حكم الكفر الاعتقادي، فالكفر العملي قسمان: قسم لا يضاد الإيمان كما ذكرنا سابقا، وكفر يضاده كما ذكرناه الآن.
Página 149