قسم أو ل: وهو تهذيب النفس بترك المناهي على الجملة.
وقسم ثان: وهو تهذيب النفس بالطاعة لله تعالى في جميع أوامره في المعاشرة مع خلقه.
وقسم ثالث: وهو تهذيب النفس بالخضوع لله سبحانه وتعالى في جميع أوامره.
القسم الأول وهو تهذيب النفس بترك المناهي
اعلم أيها العبد الذليل أنك إنما تعصي الملك الجليل بجوارحك، التي هي نعمته عليك ووديعته لديك، فاستعانتك بنعمته على معصيته غاية الكفران، وخيانتك في أمانته التي أودعكها غاية الطغيان، وما مثلك إلا مثل عبد لسلطان رباه السلطان من صغره إلى كبره، فلما ترعرع العبد خلع عليه السلطان أعظم الخلع وأرفعها، وبذل له نفائس الأموال وأعزها، ومكنه من الألوف من خواص أهل مملكته ليدخلوا في طاعته، فلما استوى للعبد أمره، ونفذ بسلطان الملك حكمه وعظم شأنه، قصد الملك بجنوده وأمواله التي هي من خزانة ذلك الملك ليبيد خضراء ه، ويقتلع جرثومته، وشهر السيف الذي كان الملك أعطاه إياه في وجه ذلك الملك، وقصد الاستخفاف والإسقاط لمنزلته، أترى هذا العبد إلا معدودا في أرذل الأرذلين، وأكفر الكافرين، وأسفل السافلين، الذين لاجاه لهم ولا شرف عند أحد من العالمين، كذلك العصاة لرب الخلق أجمعين هم أخس الأخسين، وأخسر الخاسرين.
الإرشاد إلى النجاة بتهذيب النفس وتطهيرها من رذائل الأخلاق
التي هي مناهي الملك الخلاق.
Página 16