وأيضا قوله: { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك } [الأنفال: 32] في سورة الأنفال، وقد نزلت عقيب بدر بالاتفاق قبل غدير خم بسنين كثيرة، وأهل التفسير متفقون على أنها نزلت بسبب ما قاله المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة، كأبي جهل وأمثاله، وأن الله ذكر نبيه بما كانوا يقولونه بقوله: { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } أي اذكر قولهم، كقوله: { وإذ قال ربك للملائكة } [البقرة: 30]، { وإذ غدوت من أهلك } [آل عمران: 121]، ونحو ذلك: يأمره بأن يذكر كل ما تقدم. فدل على أن هذا القول كان قبل نزول هذه السورة.
وأيضا فإنهم لما استفتحوا بين الله أنه لا ينزل عليهم العذاب ومحمد صلى الله عليه وسلم فيهم، فقال: { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } [الأنفال: 32]، ثم قال الله تعالى: { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } [الأنفال: 33] واتفق الناس على أن أهل مكة لم تنزل عليهم حجارة من السماء لما قالوا ذلك، فلو كان هذا آية لكان من جنس آية أصحاب الفيل، ومثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله.
ولو أن الناقل طائفة من أهل العلم، فلما كان هذا لا يرويه أحد من المصنفين في العلم: لا المسند، ولا الصحيح، ولا الفضائل، ولا التفسير، ولا السير ونحوها، إلا ما يروى بمثل هذا الإسناد المنكر - علم أنه كذب وباطل.
Página 47