وأيضا فقد ذكر في هذا الحديث أن هذا القائل أمر بمباني الإسلام الخمس، وعلى هذا فقد كان مسلما فإنه قال: فقبلناه منك. ومن المعلوم بالضرورة أن أحدا من المسلمين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يصبه هذا.
وأيضا فهذا الرجل لا يعرف في الصحابة، بل هو من جنس الأسماء التي يذكرها الطرقية، من جنس الأحاديث التي في سيرة عنتر ودلهمة.
وقد صنف الناس كتبا كثيرة في أسماء الصحابة الذين ذكروا في شيء من الحديث، حتى في الأحاديث الضعيفة، مثل كتاب "الاستيعاب" لابن عبد البر، وكتاب ابن منده، وأبي نعيم الأصبهاني، والحافظ أبي موسى، ونحو ذلك. ولم يذكر أحد منهم هذا الرجل، فعلم أنه ليس له ذكر في شيء من الروايات، فإن هؤلاء لا يذكرون إلا ما رواه أهل العلم، لا يذكرون أحاديث الطرقية، مثل "تنقلات الأنوار " للبكري الكذاب وغيره.
الوجه الثالث: أن يقال: أنتم ادعيتم أنكم أثبتم إمامته بالقرآن، والقرآن ليس في ظاهره ما يدل على ذلك أصلا؛ فإنه قال: { بلغ ما أنزل إليك من ربك } [المائدة: 67]. وهذا اللفظ عام في جميع ما أنزل إليه من ربه، لا يدل على شيء معين.
فدعوى المدعي أن إمامة علي هي مما بلغها، أو مما أمر بتبليغها لا تثبت بمجرد القرآن؛ فإن القرآن ليس فيه دلال على شيء معين، فإن ثبت ذلك بالنقل كان ذلك إثباتا بالخبر لا بالقرآن فمن ادعى أن القرآن يدل على أن إمامة علي مما أمر بتبليغه، فقد افترى على القرآن، فالقرآن لا يدل على ذلك عموما ولا خصوصا.
الوجه الرابع: أن يقال: هذه الآية، مع ما علم من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، تدل على نقيض ما ذكروه، وهو أن الله لم ينزلها عليه، ولم يأمره بها، فإنها لو كانت مما أمره الله بتبليغه، لبلغه، فإنه لا يعصي الله في ذلك.
Página 48