وإنما هذا عند أهل العلم بمنزلة ظن من يظن من العامة - وبعض من يدخل في غمار الفقهاء - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على أحد المذاهب الأربعة، وأن أبا حنيفة ونحوه كانوا من قبل النبي صلى الله عليه وسلم، أو كما يظن طائفة من التركمان أن حمزة له مغاز عظيمة وينقلونها بينهم، والعلماء متفقون على أنه لم يشهد إلا بدرا وأحدا وقتل يوم أحد، ومثل ما يظن كثير من الناس أن في مقابر دمشق من أزواجالنبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة وغيرها، ومن أصحابه أبي بن كعب، وأويس القرني وغيرهما.
وأهل العلم يعلمون أن أحدا من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لم يقدم دمشق، ولكن في الشام أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصاري، وكان أهل الشام يسمونها أم سلمة، فظن الجهال أنها أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. وأبي بن كعب مات بالمدينة، وأويس تابعي لم يقدم الشام.
ومثل من يظن من الجهال أن قبر علي بباطن النجف. وأهل العلم - بالكوفة وغيرها - يعلمون بطلان هذا، ويعلمون أن عليا ومعاوية وعمرو بن العاص كل منهم دفن في قصر الإمارة ببلده، خوفا عيه من الخوارج أن ينبشوه؛ فإنهم كانوا تحالفوا على قتل الثلاثة، فقتلوا عليا وجرحوا معاوية.
وكان عمرو بن العاص قد استخلف رجلا يقال له خارجة، فضربه القاتل يظنه عمرا فقتله، فتبين أنه خارجة، فقال: أردت عمرا وأراد الله خارجة، فصار مثلا.
ومثل هذا كثير مما يظنه كثير من الجهال. وأهل العلم بالمنقولات يعلمون خلاف ذلك.
Página 45