الدار وتجسس على ما ذكرنا ثم لما ذكروه القران تغير اجتهاده فتركهم وخرج وأمثال هذه الأمور لا يبعد عن أئمة العدل انتهى وأقول أراد المصنف قدس سره أن قوله تعالى لا تجسسوا عام ولا يجوز تخصيص الكتاب بالرأي والاجتهاد كما تقرر في الأصول فيكون الاجتهاد في ذلك حراما والمعارض الذي توهمه اجتهاده باطلا وهذا مما لا يتوجه عليه شئ أصلا ولهذا لم يجب عمر عن شئ من جهات تخطيتهم إياه وأفحم وأيضا إزالة المنكر إنما يجب بقدر الوسع والإمكان الشرعي دون الامكان العقلي فإن إزالة المنكر بقدر الامكان العقلي مما لا يجوزه العقل أيضا فضلا عن الشرع ولهذا قد تقرر في الشرع للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب و شرايط مخصوصة وذكروا أنه لا يجوز التجاوز من الأدنى إلى الأعلى ما لم يحصل المطلوب بالأدنى إلى غير ذلك وبالجملة الامكان الشرعي للتجسس بالتسور ونحوه إنما يتحقق بإخبار عدلين عن إشراف شخص في بيته على إيقاع منكر لا يمكن تداركه إذا فات كالقتل والزنا على ما صرح به بعض الشافعية في كتاب الأنوار وقد دل صريح ما روي عن عمر في ذلك أنه لم يكن بناء ما فعله من التسور على شئ من ذلك كما أشار إليه المصنف ثم أقول يتوجه على جواب قاضي القضاة أنه مناقض لما ذكر من أهل القضية حيث أخذ فيها أنه وجدهم على منكر وإذا كان المفروض أنه وجدهم على منكر كيف يجاب بأنه لحقه الخجل لأنه لم يصادف الأمر على ما قيل له وهذه المسألة سؤلا وجوابا مذكور أيضا في كتاب الشافي على الوجه الذي ذكره المصنف هها ولم يتعرض لما ذكرناه من المناقضة فتأمل فإزالة المنكر في القضية المذكورة لما صادق لازمه فالتسور والتجسس المذكور الخارج عن الامكان الشرعي فقد دخل تحت مطلق التجسس المنهي هكذا ينبغي التأمل والتجسس وأما قوله مع أن الكسر إتلاف مال الغير وهو حرام بالنص والإجماع ومع ذلك أمره إلى آخره مردود بأن النبي (ص) صاحب الشرع فيكون قياسه لفعل عمر إلى أمر النبي (ص) في مخالفة نص القرآن باطلا إذ غاية الأمر فيما فعله النبي (ص) وأمر به من كسر الدنان ونحوه تخصيص الكتاب بالسنة التي هي قسم من الوحي الإلهي هو جايز لنا كما تقرر في الأصول فضلا عن النبي (ص) وأما قوله أما سمعت أن المحتسب له أن يكسر إلى آخره ففيه أولا إن المحتسب وإن كان له ذلك إلا أنه عليه ضمان ما كسره صرح به ابن الحزم في كتاب المحلى وقال هو قول الشافعي وأبي حنيفة ورد على جميع الأحاديث والآثار المخالفة لذلك وثانيا إن الكلام في أن إزالة المنكر على سبيل التسور مخالف للنص وأنه لا يجوز تخصيصه بالاجتهاد ولا ينافي هذا تخصيص الشارع النص الدال على عدم جواز إتلاف مال الغير بما عدا الدنان ورخصه للمحتسبين في كسر الدنان وبالجملة ما ذكره ههنا واه جدا كما يظهر بأدنى تأمل قال المصنف رفع الله درجته ومنها أنه كان يعطي من بيت المال ما لا يجوز حتى أنه أعطى عايشة وحفصة في كل سنة عشرة آلاف درهم وحرم على أهل البيت خمسهم وكان عليه ثمانون ألف درهم لبيت المال ومنع فاطمة إرثها ونحلتها التي وهبها رسول الله (ص) أجاب قاضي القضاة بأنه يجوز له أن يفضل النساء وهو خطأ لأن التفضيل إنما يكون بسبب يقتضيه كالجهاد وغيره انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قد سبق أن عمر لما كثرت الغنايم واتسع ألفي والخراج جعل لكل من أزواج رسول الله (ص) عشرة آلاف درهم وكان هذا بمشاورة الصحابة وفيهم علي (ع) وأعاد فدك على بني هاشم ليعملوا فيها كيف شاؤوا فإعطاء النساء اللاتي هن أمهات المؤمنين ولم يجز لهن الترويج بحال مما لا يجوز الطعن فيه سيما إذا كانت الغنايم وأموال المصالح كثيرة وأما تفضيل بعضهن فمما لا نقل فيه صحيح وإن صح فله التفضيل كما قال قاضي القضاة والسبب المقتضي لا ينحصر في الجهاد لأن بعضهم ربما كان أكثر مؤنة من بعض وأما قوله كان عليه ثمانون ألف درهم لبيت المال فهذا ظاهر البطلان لأن الناس يعلمون أن عمر لم يكن يتسع في معاشه بل كان يعيش عيش فقرأ حجاز فكيف أخذ من بيت المال هذا وإن أخذه فربما صرفه في الجهات التي يدعو إلى الصرف فيها مصالح الخلافة وأما منع فاطمة إرثها ونحلتها فإن فاطمة لم تكن حية في زمان خلافته وقد سمعت فيما تفصيل قصة فدك وإن عرم ردها إلى بني هاشم انتهى وأقول قد ذكر الناصب الكذوب الذي لا حافظة له سابقا إن النبي (ص) كان يصرف حاصل فدك في مؤنة أزواجه وأهل بيته فكان الواجب على عمر أن يقتصر على ذلك أيضا تأسيا بالنبي (ص) وحيث فعل هذه المسامحة مع بنته وبنت أبي بكر من بين الأزواج وفعل بضدها مع أهل البيت (ع) علم أن ذلك بمقتضى الشهوة الخارجة عن حكم الشريعة ومصلحتها وبمجرد رعاية خاطر بنته وبنت أخيه ومستخلفه أبي بكر وأما ما ذكره من إعادة فدك على بني هاشم فهو من مفترياته لما ذكرنا سابقا نقلا عن جلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء إنها كانت حبوة لأبي بكر ثم لعمر ثم أقول قد ظهر بما قررناه أنه يمكن تقرير الاعتراض المصنف بوجه لا يرتبط به جواب قاضي القضاة وذلك بأن يقال الافراط في حق بعض الزوجات بأضعاف ما قرر النبي (ص) لهن والتفريط في حق أهل البيت (ع) بأخذ خمسهم لم يصدر إلا عن الجهل أو بغض أهل البيت وكل منهما يوجب الطعن وقد اندفع بما ذكرنا من أن النبي (ص) قد قرر في حياته ما يفي بمؤنة كل من الزوجات ما ذكره الناصب من احتمال كون بعض الأزواج أكثر مؤنة وأما ما ذكره من أن عمر كان يعيش عيش فقرأ حجاز فلا يدفع تصرفه في بيت المال لأن الغرض من تحصيل المال لا ينحصر في صرفه في الحال بل قد يضبط ويكنز احتياطا في الاستقبال واغتباطا للأهل والعيال وأما احتمال صرفه في مصالح الخلافة فيدفعه ما روي أنه بقي في ذمته وأما ما ذكره من أن فاطمة لم تكن حية في أيام خلافة عمر إلا أن عمر قبل أيام خلافته وفي زمان حياة فاطمة (ع) كان شريكا مع أبي بكر في منع فدك بل كان هو الشريك الغالب في ذلك إذ قد اشتهر إن أبا بكر كتب كتابا في رد فدك لفاطمة (ع) ولما اطلع عمر على ذلك أخذه منها ومزقها قال المصنف رفع الله درجته ومنها أنه عطل حد الله تعالى في المغيرة بن شعبة لما شهد عليه بالزنا ولقن الشاهد الرابع الامتناع من الشهادة وقال له أرى وجه رجل لا يفضح الله به رجلا من المسلمين فلخلخ في شهادته اتباعا لهواه فلما فعل ذلك عاد إلى الشهود فحدهم وفضحهم فتجنب أن يفضح المغيرة وهو واحد قد فعل المنكر ووجب عليه الحد وفضح ثلاثة مع تعطيله حكم الله ووضعه الحد في غير موضعه أجاب قاضي القضاة بأنه أراد صرف الحد عنه واحتال في دفعه قال السيد المرتضى (رض) كيف يجوز أن يحتال في صرف الحد عن واحد ويوقع ثلاثة فيه وفي الفضيحة مع أن عمر كان كلما رأى المغيرة يقول قد خفت أن يرميني الله تعالى بحجارة من السماء انتهى وقال الناصب خفضه الله أقول قصة مغيرة على ما ذكره المعتمدون من الرواة أنه كان أميرا بالكوفة وكان الناس
Página 241