يقصده، وإنما حَمَله على إتيانِه (^١) الغضب = فالطلاقُ بطريق الأولى والأحرى.
فإن قيل: فكيف رُتِّب عليه كفارة اليمين؟
قيل: ترَتُّبُ الكفارة عليه لا يدلُّ على تَرتُّب مُوجَبه ومقتضاه عليه، والكفارةُ لا تستلزم التكليف، ولهذا تجب في مال الصبيِّ والمجنون إذا قتلا صيدًا أو غيره، وتجب على قاتل الصيد ناسيًا أو مخطئًا، وتجب على من وطئ في نهار رمضان ناسيًا -عند الأكثرين-، فلا يلزم من تَرَتُّبِ الكفارة اعتبار كلام الغضبان.
وهذا هو الذي يسمِّيه الشافعيُّ: "نذر الغلق"، ومنصوصه: عدم وجوب الوفاء به إذا حلف به، بل يُخَيَّر بينه وبين الكفارة. وحُكِيَ له قولٌ آخر بتَعَيُّنِ الكفارة عينًا، وقولٌ آخر يتعيُّن الوفاء به إذا حنث، كما يلزمه الطلاق والعتاق (^٢)، وهذا قول مالك (^٣)، وأشهر الروايتين عن أبي حنيفة (^٤).
الثالث: ما ثبت في الصحيح عنه ﷺ أنه قال: "لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان" (^٥)، ولولا أن الغضب يؤثِّرُ في قصده وعلمه لم
_________
(^١) في الأصل: "بيان". ولعل الصواب ما أثبت.
(^٢) انظر: "الأم" (٣/ ٦٥٨ - ٦٥٩)، و"المجموع" (٨/ ٤٤٥).
(^٣) انظر: "المنتقى" للباجى (٣/ ٢٢٩).
(^٤) انظر: "الجامع الكبير" لمحمد بن الحسن (٨٢ - ٨٣)، و"فتح القدير" (٥/ ٥٢٦).
(^٥) قال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" [(٤/ ١٨٩)]: "متفق عليه من =
1 / 23