ويجاب عن هذا الإشكال بأن ما ذكر كله إنما هو خاص بصلاة الجمعة دون غيرها لطفا منه تعالى ومنا، لما قد يحصل بالسعي إليها من المشقة بسبب بعد المسافة، أما تخصيصها بعدم هلاك تاركها فيما دون ثلاث مرار فلما تقدم آنفا من أحاديث الطبع على قلب من تركها ثلاثا، وقول ابن عباس «من تركها أربعا» لا ينافيه، لأن المراد منه أنه يكون تاركها بعد الثلاث مطبوعا على قلبه ويكون في الرابعة نابذا للإسلام وراء ظهره. وأما تخصيصها بالاجتزاء عنها بصلاة الظهر في بيت من تلزمه فلما في حديث «لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن صلاة الجمعة بيوتهم»؛ حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر المتخلفين بإعادة صلاتهم ولو كانت صلاتهم في بيوتهم غير مجزية في إسقاط الواجب عنهم لأمرهم بإعادتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولو أمرهم بذلك لنقل كما نقل الحديث المذكور ولاشتهر أيضا، لأنه مما تعم به البلوى.
Página 52