وبقي هنا إشكال؛ وهو أن يقال: إذا كانت الجمعة فرض عين فما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - «من ترك الجمعة ثلاثا من غير ضرورة طبع على قلبه»؟
وما معنى ما روي عن ابن عباس أنه قال «من ترك الجمعة أربعا متواليات لا يكون لمن تركها عذر إلا نبذ الإسلام وراء ظهره»؟ حتى إن الفتوى من أهل المذهب جرت على ظاهر ما في الحديث، فقالوا بهلاك من ترك الجمعة ثلاث مرار متواليات بغير عذر، ولم يحكموا بهلاك تاركها مرة أو مرتين (¬1) ، وكذا أفتوا بإجزاء صلاة من صلى الظهر في بيته وإن كان ممن تجب عليه الجمعة، وإن صلى في بيته ثم خرج إلى المسجد فوجد الإمام لم يصل الجمعة قالوا: يصلي الجمعة معهم نفلا وصلاته هي الأولى (¬2) ، وإن قيل بغير ذلك (¬3) . وشأن فرض العين هو أن يهلك تاركه بمرة واحدة إذا لم يكن في تركه عذر وبذلك يبرأ منه إذا لم يتب، ولا يجزيه إن فعل غيره وإن ظن فواته وإنما يلزمه نفس ذلك الفرض إذا أدركه؟
¬__________
(¬1) - ... انظر مثلا؛ الأزكوي: الجامع، 02/395.
(¬2) - ... انظر؛ الأزكوي: الجامع، 02/402. السليمي: الجامع، 01/567. الشماخي: الإيضاح، 01/616.
(¬3) - ... ممن قال به الشيخ عامر الشماخي رحمه الله. الشماخي: الإيضاح، 01/616.
Página 51