وقال القطب (¬1) -متعنا الله بحياته- في ذهبه: "والجمعة فرض كفاية بالنظر إلى عموم الإسلام، وفرض عين بالنظر إلى من في مصر الإمام أو واليه (¬2) وإلى من في أحد الأمصار السبعة، وكالجهاد فرض كفاية على عموم الإسلام وفرض عين على من يعينه الإمام أو احتيج إليه واضطر، وكالحج فرض كفاية على عموم الإسلام، فإن لم يكن حج في سنة كفروا، وفرض عين على من استطاع" (¬3) ؛ انتهى. وحاصله أن لكل واحد من الجمعة والجهاد والحج بالنظر إلى المكلفين جهتين:
إحداهما: تكون فيها هذه الأشياء فرض كفاية وهي عموم الإسلام، حتى إنهم لو تركوا هذه الأشياء أو واحدا منها (¬4) بلا عذر كفروا جميعا، ولا بد من سلامة ذي العذر منهم إذا تركها أو شيئا منها القادرون عليها أو على شيء منها.
والجهة الثانية: تكون هذه الأشياء فيها فرض عين وهي في الجمعة من كملت معه شروط وجوبها، وفي الجهاد من عينه الإمام للجهاد أو احتيج إليه، وفي الحج من استطاع السبيل.
ولأجل هذا التحرير ترى أن أهل المصر يكتفون بأداء الجمعة في موضع واحد منه، ويرون ذلك مجزيا عنهم، حتى إنهم منعوا صلاة الجمعة في موضعين من المصر الواحد على ما سيأتي تحقيقه في محله إن شاء الله تعالى.
¬__________
(¬1) - القطب هو امحمد بن يوسف اطفيش (ت: 1332ه/1914م) من أعلام الإباضية بوادي ميزاب بشمال صحراء الجزائر، له مؤلفات كثيرة منها: شرح كتاب النيل وشفاء العليل، هيميان الزاد إلى دار المعاد، تيسير التفسير، شامل الأصل والفرع، الذهب الخالص . انظر؛ مجموعة من الباحثين: معجم أعلام الإباضية (قسم المغرب).
(¬2) - في (ب): أو اليه. وكذلك في أكثر من نسخة.
(¬3) - اطفيش: الذهب الخالص، ص179.
(¬4) - في (أ): أو واحد منهما.
Página 50