لا سبقه أو لحوقه، لما كادت تكون وليس الأمر كما تخيل في واحد من المقامين:
أما الأول: فلأن العلة حقيقة، والذي يوجب اعتبارا من تلك الاعتبارات واقعا، ليس إلا لحاظ ما هو منشاء الانتزاع، وتصور ما به يصح الاختراع، فلا يكون دخل ما يسمى سببا كالعقد، أو شرطا كالقبض في الصرف، أو غيرهما، مقارنا كان للأثر، أو مقدما، أو مؤخرا، إلا بلحاظه واعتباره، ووجوده في الذهن، فيقارن المؤثر لأثره، لا بوجوده في الخارج، كي لا يقارن له، ومن الواضح أنه كما يصح اختراع اعتبار بلحاظ ما يقارنه، يصح بلحاظ أمر سابق، أو لاحق، بل ربما لا يكاد يصح بلحاظه مع مقارنته، ضرورة أن حسن فعل، أو قبحه، أو مطابقته لغرضه، إنما يكون بلحاظ لحوق شئ أو سبقه، بحيث لولاه لما كان يتصف بأحدهما، أو بالمطابقة للغرض، كما لا يخفى.
وأما الثاني: فلأن العلة في الفعل الاختياري بما هو اختياري، ليس إلا تصوره بأطرافه وخصوصياته العارضة عليه بلحاظ أكنافه بما سبقه، أو قارنه، أو لحقه، وتصور ما يترتب عليه، من الأثر، وهيجان الرغبة فيه، والجزم والعزم المتعقب بتحريك العضلات، وليس واحد من أطرافه، ولا ما هو فائدته بوجوده في الخارج، مؤثرا في تحريكها بالإرادة، كي يلزم تأخر السبب أو الشرط عن مسببه أو مشروط أو عدم مقارنته معه، بل بوجودها في الذهن، مع سائر المبادي الوجدانية، وهي مقارنته لوجوده، كما هو واضح، فأين انثلام القاعدة وانخرامها.
هذا بعض الكلام بما يناسب المقام، ومن أراد الاطلاع التام فعليه المراجعة إلى الفوائد 1.
فإذا أظهر لك أنه لا يلزم على واحد من القولين محذور تأثير المعدوم في
Página 60