Hamayan Zad hacia la Casa del Más Allá
هميان الزاد إلى دار المعاد
Géneros
{ قلنا للملائكة } كلهم على الصحيح بدليل فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس. حيث أكد بما يفيد الشمول. وقرئ الكلام بالفاء الدالة على السببية فإنها للسببية عن الأمر بالسجود، أى سجدوا كلهم لأجل أمره إياهم. وقيل ملائكة الأرض. وقرأ أبو جعفر بضم التاء إتباعا لجيم اسجدوا. والفصل بالساكن ضعيف واستهلاك حركة الإعراب لحركة الإتباع كهذه القراءة. وقراءة الحمد لله بكسر الدال لغة ضعيفة فبما قال الزمخشرى وأظن أن معنى كون ذلك لغة، أن قوما من العرب يفعل ذلك فى بعض كلامه جوازا لا وجوبا. { اسجدوا لآدم } سجود تحية وتعظيم لا سجود عبادة، فيمكن أن يكون أمرهم بالانحناء بدون إيصال رءوسهم الأرض أو بإيصالها الأرض، وذلك سواء لأنه على كل حال سجود تحية لا عبادة. وقال الجمهور انحناء وخضوع بلا وصول للأرض، بناء على أن السجود إلى الأرض لم يجز لغير الله، وأصحاب القول الأول قالوا مباح لغيره تحية وتعظيما لا عبادة، حتى نسخ التحية الانحنائية كلها على وصول الأرض، أو على غير وصولها، بتحية الإسلام، وهو قولنا السلام عليكم. وقوله صلى الله عليه وسلم
" لو أمر أحد بالسجود لأحد لسجدت المرأة لزوجها "
يحتمل وصول الأرض على أن الملائكة لم تصلها، ويحتمل سجود العبادة، ويحتمل الانحناء بلا وصول تعظيما وتحية، وتستثنى الملائكة، فالمراد أحد من الناس والجن. ولا يدل قوله
فقعوا له ساجدين
على وصول الأرض، لأن من جثى على ركبتيه واقع، وكذا كل من نكس أعلاه. وممن قال سجود انحناء على بن أبى طالب وابن مسعود وابن عباس. وقال الشعبى إنما كان آدم كالقبلة، والمعنى إلى آدم، فاللام بمعنى إلى، وفى ذلك على كل حال كرامة لآدم - عليه السلام - ويجوز كونها بمعنى عند، أى اسجدوا عند آدم، ومن اللام بمعنى إلى، كقول حسان
ما كنت أحسب هذا الأمر منصرفا عن هاشم ثم منها عن أبى حسن أليس أول من صلى لقبلتكم وأعرف الناس بالقرآن والسنن
وكأنه قال ذلك حين استخلفوا عثمان، ولم يستخلفوا عليا، أى من صلى إلى قبلتكم، ويجوز كونها للتعليل، أى اسجدوا لأجل آدم، فإذا كانت اللام بمعنى إلى أو عند أو للتعليل، فالسجود إنما هو عبادة لله تعالى بوصول الأرض، وإذا كانت بمعنى إلى فآدم قبلة قطعا تنص عليه إلى.
وأما إذا كانت بمعنى عند فكونه قبلة متبادر، وإذا كانت للتعليل فليس فى ذلك ما يدل على أنه قبلة لهم فى سجودهم. ووجه كونه قبلة لهم تعظيمه أوامرهم باستقباله فى السجود له تعالى لكونه سببا لهذا السجود الذى أمرهم به الله، أو لكونه ذريعة لهم إلى استيفاء ما قدر لهم من الكمالات، مثل الصلاة خلق سيد الأولين والآخرين محمد - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء وتكلمهم له وإيحاء القرآن ومناولته والسنة وسائر كتب الله، تبارك وتعالى، وسائر وحيه خصوصا جبريل، بل يكفيهم كون جبريل الذى يلى غالب ذلك منهم، ومثل نزولهم ليلة القدر، وحضور مجلس القرآن والذكر والعلم وكتابة حسنات بنى آدم ونحو ذلك. ولكونه ذريعة إلى ظهور تفاوتهم فى الدرجات، فأفضلهم جبريل لملاقاته سيد الأولين والآخرين وسائر الأنبياء، أو لكونه أصلا لخلق الخلق كلهم، الملائكة وغيرهم الأجسام والأعراض، لأن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - يكون منة، وهو لولاه لم تخرج الدنيا من العدم، وأمرهم باستقباله شكرا لما أنعم عليهم بوساطته، ولتعليمه إياهم أسماء الأشياء بأمر الله - عز وجل - أو لجميع ذلك. وهذه الاحتمالات كلها تتأتى إذا قلنا ذلك السجود خضوع لآدم، بإيماء أو بوصول الأرض. ويزداد هذا بأنه أمرهم بالسجود له ليعترفوا بفضله، ويؤدوا حقه الذى يتضمن كلامهم نقصه، ويعتذروا عما تكلموا فيه، وتتأتى جميع الأوجه أيضا إذا قلنا إنه لا سجود إيماء هناك بوصول الأرض، ولا بدون وصولها، بل أمرهم بالتذلل والانقياد بالسعى فى تحصيل ما تتعلق به حياتهم، ويتم به كمالهم. فإن أصل السجود مطلق التذلل. قال زيد الخير
بجيش يظل البلق فى حجراته ترى الأكم فيه سجدا للحوافر
وفى رواية بجمع يظل البلق البيت. فالأكم جمع أكمة وهو الموضع المرتفع من الأرض، أى ترى المواضع المرتفعة تحت حوافر الخيل، كأنها تنخفض لحوافرها تذللا. وقال أعرابى من بنى أسد
Página desconocida