الذين قتلوا الأنبياء، وبالغوا في تطلبهم ليقتلوهم، وعبدوا الأصنام،
وأحضروا من البلاد سدنة الأصنام، لتعظيمها وتعليم رسوم عبادتها، وابتنوا لها البيع العظيمة والهياكل، وعكف على عبادتها الملوك ومعظم بنى إسرائيل،
وتركوا أحكام التوراة والشرع مددًا طويلة، وأعصارًا متصلة.
فإذا كان هذا تواتر الآفات على شرعهم من قبل ملوكهم، ومنهم على
أنفسهم، فما ظنك بالآفات المتفننة التي تواترت عليهم من استيلاء الأمم فيما
بعد عليهم، وقتل أئمتهم، وإحراق كتبهم، ومنعهم إياهم عن القيام
بشرائعهم!.
فإن الفرس كثيرًا ما منعوهم عن الختانة، وكثيرًا ما منعوهم عن الصلاة،
لمعرفتهم بأن معظم صلوات هذه الطائفة دعاء على الأمم بالبوار، وعلى العالم
بالخراب، سوى بلادهم التي هى أرض كنعان!
فلما رأت اليهود الجد من الفرس في منعهم من الصلاة، اخترعوا أدعية مزجوا بها فصولًا من صلاتهم، وسموها الحزانة وصاغوا لها ألحانًا عديدة،
وصاروا يجتمعون أوقت صلواتهم على تلحينها وتلاوتها.
والفرق بين هذه الحزانة، وبين الصلاة بغير لحنٍ أن المصلى يتلو الصلاة
وحده، ولا يجهر معه غيره.
أما الحزانُ فيشاركه جماعة في الجهر بالحزانة، ويعاونونه في الألحان، فكانت الفرسُ إذا أنكرت ذلك منهم، زعمت اليهود أنهم يغنون أحيانًا، وينوحون على أنفسهم أحيانًا فتركوهم وذاك.
1 / 69