ومن العجب أن دولة الإسلام لما جاءت مقرة لأهل الذمة على أديانها،
وصارت الصلاة مباحةً لهم، صارت الحزانة عند اليهود من السنن المستحبة فى الأعياد والمواسم والأفراح، يجعلونها عوضًا عن الصلاة، ويستغنون بها عنها، من غير ضرر يبعثهم على ذلك.
فيما يعتقدونه في دين الإسلام
هم يزعمون أن المصطفى، ﷺ وشرف وعظَّم وكرَّم، كان قد رأى أحلامًا تدل على كونِه صاحب دولة وأنه سافر إلى الشام في تجارة
لخديجة، رضوان الله عليها، واجتمع بأحبار اليهود، وقصَّ عليهم أحلامه،
فعلموا أنه صاحب دولة، فأصحبوه عبد الله بن سلام فقرأ عليه علوم التوراة
وفقهها مدةً، زعموا. وأفرطوا في دعواهم إلى أن نسبوا الفصاحة المعجزة التي فى القرآن إلى تأليف عبد الله بن سلام، وأنه قرر في شرع النكاح أن الزوجة لا تستحل بعد الطلاق الثلاث إلا بنكاح آخر، ليجعل بزعمهم أولاد المسلمين "ممزرير "، وهذه كلمة جميع واحدة (ممزير)، وهو اسم لولد الزنا، لأن في شرعهم أن الزوج إذا راجع زوجته بعد أن نكحت غيره، كان أولادهما معدودين من أولاد الزنا.
فلما كان النسخ مما لا ينطبع فهمه في عقولهم، ذهبوا إلى أن هذا الحكم فى
النكاح من موضوعات عبد الله بن سلام، قصد به أن يجعل أولاد المسلمين
) ممزريم) - بزعمهم.
1 / 70