الذي يعبر عنه: " يالهيشيلوا" إنما هو البلوغ. ولا ينبغى للعاقل أن يستبعد اصطلاح كافة هذه الطائفة على المحال، واتفاقهم على فنونٍ من الكفر والضلال، فإن الدولة إذا انفرضت عن أمة باستيلاء غيرها عليها، وأخذها بلادها، انطمست حقائق سالف أخبارها، واندرس قديم آثارها، وتعذَّر الوقوف عليها، لأن الدولة إنما يكون زوالها عن أمةٍ، بتابع الغارات والمضايقات، وإخراب البلاد " وإحراق بعضها، فلا تزال هذه الفنون متتابعة عليها إلى أن يستحيل علومها جهلًا، وكثرتها قلة، وكلما كانت الأمم أقدم، واختلف عليها الدول المتتابعة لها بالإذلال والإيذاء، كان حظها من اندراس الآثار أكثر.
وهذه الطائفة ولا شك أعظم الطوائف حظًا مما ذكرناه، لأنها من أقدم الأمم
عهدًا، ولكثرة الأمم التي استولت عليها من الكلدانيين البابليين والفرس واليونان والنصارى والإسلام.
وما من هذه الأمم إلا من قصدهم أشد القصد، وطلب استئصالهم، وبالغ
فى إحراق بلادهم وإخرابها وإحراق كتبهم، إلا المسلمين، فإن الإسلام
صادف اليهود تحت ذمة الفرس ولم يتبق لهم مدينة ولا جيش، إلا العرب
المشهورة بخيابر.
وأشد على اليهود من جميع هذه الممالك، ما نالهم من ملوكهم العصاة مثل أجأب وأحرنا وأمصيا ويهودام ويربعام بن نباط، وغيرهم من الملوك الإسرائيليين
1 / 68