فأما قوله في الغني لا يمطل فذلك عنه صلى الله عليه صحيح(1)؛ لأنه لا يحل لواحد أن يمطل غريمه من بعد مقدرته على قضاء دينه.
وإن كنت أردت بالحديث الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه في الواجد فالحديث فيه صحيح؛ لأن الواجد خلاف الواحد الواجد يقرأ بالجيم والواحد بالحاء.
وأما الحديث في الواجد فإنما أراد عليه السلام أنه إذا مطل
غريمه وهو واجد حلت عقوبته وعرضه، فعقوبته بالحبس والتضييق عليه حتى يؤدي، وأما عرضه فبكلام الناس فيه وذمهم له، وهذا دليل على أن الفقير الذي لا يجد شيئا لا يحبس، وإلى أي المعنيين ذهبت [563] فقد أجبناك.
[في معنى حديث: ((لصاحب الحق اليد واللسان))]
وسألت: عن قول رسول الله صلى الله عليه: ((لصاحب الحق اليد(2) واللسان))(3).
قال محمد بن يحيى رضي الله عنه: إن أراد بذلك أن لسانه منبسط
في القول واليد في ما يطلب به مما أوجب الله له وليس لأحد من أقاربه ولا من بني عمه من الإنبساط في الكلام واليد ما له.
[في الموسر له حق على آخر ولم يطلبه هل هو ظالم]
وسألت: عن رجل موسر عليه لرجل حق فلم يطلبه به ولم يدفع هو الحق إلى صاحبه، فقلت: هل هو ظالم؟
قال محمد بن يحيى عليه السلام: إذا علم الحاجة من صاحب الدين
إليه فمطله به وهو يقدر على دفعه فقد كافاه بقبيح على ما كان من إحسانه، وإذا لم يكن صاحب الدين بفقير ولا محتاج إليه وكان حبس(4) المسؤل لما عليه لغير إضرار بصاحبه ولا يعمل في إذهاب حقه ولا طلب لتلفه بوجه من الوجوه فليس بمأثوم؛ لأنه في فسحة لسعة صاحبه وسكوته عن طلبه وإنما يكون ظالما وينتظمه به الإثم إذا طلب الدين صاحبه (فلم يعطه إياه وهو يقدر على دفعه ومطله)(5) وضاره في ذلك كان في فعله متعديا وله ظالما.
Página 58