تعاطاها هناك من أخذه تلك الجارية من الخمس، ومن نزعه الحلل من اللباس لما صرفها إليهم نائبه، فتكلموا فيه وهم قادمون إلى حجة الوداع، فلم يفرغ رسول الله ﷺ أيام الحج لإزاحة ذلك من أذهانهم، فلما قفل راجعا إلى المدينة، ومر بهذا الموضع، ورآه مناسبا لذلك، خطب الناس هنالك، وبرأ ساحة علي مما نسبوه إليه. وهكذا عبد الرحمن، إنما ألبسه الذؤابة لما بعثه أميرًا على تلك السرية. وهكذا يستحب (هذا) للخطباء وللعلماء شعارًا، وعلما عليهم في صفتها. قال بعضهم: تكون بين الكتفين، وهو قول الجمهور. ونص مالك أنها تكون بين اليدين. ثم قال الأولون: قدر أربع أصابع بين الكتفين.
وقيل: إلى نصف الظهر. وقيل: إلى المقعدة. انتهى.
ومن كلام أبي العباس: وأما من لا يقيم قراءة الفاتحة، فلا يصلي خلفه إلا من هو مثله، فلا يصلي خلف الألثغ الذي يبدل حرفا بحرف، إلا حرف الضاد إذا أخرجه من طرف الفم، كما هو عادة كثير من الناس، فهذا فيه وجهان: منهم من قال: لا يصلي خلفه، ولا تصح صلاته في نفسه، لأنه أبدل حرفا بحرف، فإن مخرج الضاد من الشدق، ومخرج الظاء طرف اللسان، وإذا قال: ولا الظالين، كان معاه ظل يفعل كذا.
والوجه الثاني: تصح، وهذا أقرب، لأن الحرفين في السمع شئ واحد، وجرس أحدهما من جنس جرس الآخر، لتشابه المخرجين، والقارئ إنما يقصد الضلال المخالف للهدى، وهو الذي يفهمه المستمع. فأما المعنى المأخوذ من الكل، فلا يخطر ببال أحد، وهذا بخلاف الحرفين المختلفين صوتا ومخرجا وسمعا، كإبداء الراء بالغين، فإن هذا لا يحصل به مقصود القراءة.
وأما عادم الماء إذا لم يجد ترابا وعنده رمل، فإنه يتيمم به ويصلي، ولا إعادة (عليه) عند جمهور الفقهاء، كمالك، وأبي حنيفة، وأحمد في أظهر الروايتين عنه.
1 / 59