ولا سيما فيما يظهر فيه قصد القربة، كما ورد في إرسال الذؤابة في الحديث الذي رواه مسلم عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه، قال: كأني أنظر إلى رسول الله ﷺ على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه".
وفي "الشمائل" عن هارون الهمداني بإسناده إلى ابن عمر: "كان رسول الله ﷺ إذا اعتم، سدل عمامته بين كتفيه". قال نافع: وكان ابن عمر يفعل ذلك. قال عبيد الله: رأيت سالما والقاسم يفعلانه. وعن عبد الرحمن بن عوف: (عممني رسول الله ﷺ، فسدلها بين يدب ومن خلفي. وعن علي قال: "عممني رسول الله ﷺ يوم غدير خم بعمامة، فسدل طرفها على منكبي، ثم قال: إن الله أمدني يوم بدر ويم حنين بملائكة معممين بهذه العمة". وإن العمامة حاجزة بين المسلمين والمشركين، قال ابن وضاح: حدثني موسى، حدثنا وكيع، حدثنا عاصم بن محمد عن أبيه، قال: رأيت على ابن الزبير عمامة سوداء قد أرخاها من خلفه قدر ذراع.
قال عثمان بن إبراهيم: رأيت بن عمر يحف شاربه، ويرخي عمامته، من خلفه ... إلى أن قال: فهذه الآثار متعاضدة مع ما تقدمها من الأحاديث، وهي دالة على استحباب الرسم بالذؤابة لذوي الولايات والمناصب، والمشار إليهم من أهل العلم، ليكون ذلك شعارا لهم.
ولا يستحب ذلك لآحاد الناس، لهذا ألبسها رسول الله ﷺ عليا يوم غدير خم، وكان فيما بين مكة والمدينة، مرجعه من حجة الوداع، في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، فخطب رسول الله ﷺ قائما وعلي إلى جنبه واقف، وبرأ ساحته مما كان نسب إليه في مباشرته إمرة اليمن، فإن بعض الجيش نقم عليه أشياء
1 / 58