شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
Géneros
عموم قدرة الله تعالى
قال المصنف ﵀: [ذلك بأنه على كل شيء قدير].
قدرته ﷾ على كل شيء مجمع عليها بين المسلمين، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة:٢٠] هذا الحرف من القرآن اتفق المسلمون عليه، لكن يورد المعتزلة وطوائف أخرى مسألة تعلق القدرة بما يسمونه المستحيلات.
فقالت طائفة من المفسرين: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة:٢٠]، عام مخصوص، خُصَّ منه الممتنع لذاته، فلا يدخل تحت القدرة، فجعلوا السياق عامًا مخصوصًا.
وقالت طائفة: هذا سياق عام أريد به الخصوص -أي: الممكن- فلا يدخل فيه الممتنع لذاته.
وقالت المعتزلة: إن الممتنع لذاته شيء ولكنه لا يدخل تحت القدرة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: (والصواب الذي عليه أهل السنة أن الله على كل شيء قدير، وأن هذا العموم محفوظ لم يدخله تخصيص ولا أريد به الخصوص، بل هو على عمومه، وأما الممتنع لذاته فإنه ليس بشيء، فلا يكون داخلًا في الآية أصلًا، إنما هو فرض يفرضه الذهن لا حقيقة له في الخارج، والقدرة تتعلق بما يمكن وجوده في الخارج).
فممكن الوجود لم ينازع أحد من الطوائف في كونه داخلًا في قدرة الله، إلا ما كان من المعتزلة في مسألة أفعال العباد فإنهم قالوا: إنها ليست بمقدورة لله، لأن العبد عندهم يخلق فعل نفسه.
قال المصنف ﵀: [وكل شيء إليه فقير، وكل أمر عليه يسير، لا يحتاج إلى شيء ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى:١١]].
هذه الجمل محكمة مجمع عليها بين الطوائف، وليس فيها ما هو مشكل أومشتبه، أما قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى:١١] فإنها من أخص الآيات التي يذكرها أئمة السلف ﵏ في توحيد الأسماء والصفات، لأن فيها جمعًا بين الرد على المعطلة والمشبهة، فإن قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:١١] رد على المشبهة والممثلة، وقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى:١١] رد على معطلة الأسماء والصفات.
وتتضمن الآية أن إثبات صفاته ﷾ لا يلزم منه التشبيه والتمثيل، وهذا هو الإشكال الذي دخل على كثير من الطوائف المعطلة الذين زعموا أن إثبات الصفات مستلزم للتشبيه والتعطيل.
4 / 2