وأما الإستعانة بالفاسقين والعاصين فذلك جائز عندنا، والجهاد واجب على المطيع والعاصي، والمؤمن والفاسق، ولم تفرق آي الكتاب وآثار السنة بينهم في وجوب الجهاد عليهم، ويعضد ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : «إن الله تعالى يؤيد الدين بالرجل الفاجر» (1)، ثم أن أفعال الأئمة جرت بذلك، فإن أكثر أجنادهم وأنصارهم عصاة وفساق، والنظر في ذلك إلى الإمام القائم حسب ما يراه من الصواب في ذلك، ولو وقف الجهاد على أهل الورع والدين لانسد باب الجهاد، وتعطلت البلاد، وتمادى أهل البغي والفساد، وأما الإستعانة بالكافرين فلنا في ذلك نظر يختلف بحسب اختلاف الأحوال وتفصيله يطول.
هذا ما نقلناه من سيرته عليه السلام التي ألفها السيد العلامة محمد بن عزالدين المفتي (رحمة الله عليه ورضوانه)، وقد بقي في السيرة سؤالات كثيرة أكثرها وأغلبها مسائل في القرآن الكريم، إلا أني عند تأملي لها وجدتها برمتها -بل أغلبها- قد تضمنها كتاب الفتاوى في المقدمة منه منسوبة إلى الإمام الحسن بن عزالدين عليه السلام فلما رأيتها متطابقة رأيت عدم تثقيل الكتاب بالتكرار، ولم يبق إلا الإشكال هل هي من جوابات الإمام علي بن المؤيد عليه السلام ونسبتها في الكتاب للإمام الحسن غلط؟ أم هي للإمام علي بن المؤيد، أم كل واحد منهما أجاب وتوافق الجوابين من وقع الخاطر على الخاطر، فكل منهما إمام سابق، وعلى كل حال فالغرض هو الإفادة فلا خير في الإعادة، والله يتولى التسديد والتوفيق إلى أقوم الطريق.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
Página 64