والذي نحكيه من حالنا، ونجليه من أحوالنا؛ ما نحن عليه بحمد الله من صفات نيرة معتبرة، وسمات بحمد الله خيرة مختبرة، قال الله تعالى: ?ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم? [النساء: 135] وهي باعتبار الخاص والعام مرتبة على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: اشترك في معرفته الداني والقاص، واستوى في العلم به المستمع والقاص، والمناضل والمناظر، والمعاضل والمكابر، فلم نحوج في إيضاحها إلى بيان، ولا في وضوحها إلى إقامة برهان.
الثاني: مفتقر إلى طرف محض وتفتيش، ومسحة بحث وتنقيش، وهو جودة الرأي، والسخا، ورباط الجأش في حومة الوغا، وبحمد الله أحرزنا منها قدرا كافيا، وحزنا من كل منها صدرا وافيا، فمن جلا غشاوة الميل عن بصره، ومحا غشاوة الرين عن بصيرته، عرف ذلك من غير كلفة، وعلمه من غير طول ألفة.
الثالث: العلم، مشوبا بالورع، محصنا عن تدليس الشبه والبدع، وهي أجلها شأنا، وأعلاها مكانا، وأبعدها عيانا، وأشرفها قدرا، وأعبقها زهرا، وأعذبها نهرا، أبوابه رحيبة خصيبة، وجناته نظرة عجيبة، وردية الأزهار، شهدية الأفكار، كريمة الأثمار، قطوفها دانية، وأغصانها متدانية، ?وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم? [فصلت: 35].
Página 56