الخيار، على أيديكم مجاري النعم والنقم، ليس فوقكم رغبةٌ لذي مطلبٍ، فأفضلكم الفاضل، وخيركم الخير، تشهدون ما غاب الناس عنه، خيركم منتظرٌ وشركم مخوفٌ، فليست حالٌ تعدل مكان الكاتب ماخلا ذروة الرياسة، أصول إن صال ولا أنفذ إن قال مقالًا منه، فلتكن أخلاقكم بحيث وضعكم الله من عباده في بلاده، فإنه لا أقبح من كاتب دق نظره وصغر خطره في المعروف أن يبيعه أو يباع له، فاجعلوا إسداء المعروف إلى الناس تجارتكم المربحة.
٥٥- وقد كان عبد الحميد مع بلاغته وعلمه على النهاية من الوفاء لمن صحبه.
٥٦- حكى عمرو بن بحرٍ الجاحظ، أن مروان بن محمدٍ قال لعبد الحميد لما كثرت عليه جيوش أبي مسلمٍ وقوي أمر بني العباس وبلغه قول نصر بن سيارٍ.
أرى خلل الرماد وميض نارٍ ... ويوشك أن يكون لها ضرام
فقلت من التعجب: ليت شعري ... أأيقاظٌ أمية أم نيام
فإن النار بالعودين تذكى ... وإن الحرب أولها كلام
[فقل] لبني أمية حيث حلوا ... على الإسلام والعرب السلام
أرى يا عبد الحميد أن تصير إلى هؤلاء القوم فتعلمهم أنك آثرت ناحيتهم على ناحيتي، فلعلهم يسكنون إليك، فتدبر لي عليهم؛ فتفكر
1 / 39