ووجدت شكة دامية في قلبها، وخفضت عينيها أن ترى الأخرى ما ارتسم فيهما، ثم تمتمت: تعنين عم جابر سلمان؟ - هو نفسه. العريس ابنه، ألا تعرفونه؟ «أعرفه أكثر منك! لن تعرفيه مثلي قبل أشهر، وستجدينه حيوانا وغدا.» قالت: نعرفه حق المعرفة. ألم تريه؟ - قابلته هنا مرة واحدة.
وسألتها بدافع لم تستطع مغالبته: هل أعجبك؟
فضحكت ضحكة كرهتها على إثر سماعها أضعافا، وقالت: كانت الحجرة مزدحمة بالمدعوين، وأنت تعرفين هذا الموقف طبعا!
فقالت بلهجة باردة: لست أعرفه.
فضحكت العروس قائلة: دعيني أسألك أنت التي تعرفينه حق المعرفة، ما رأيك فيه؟
ودهمها السؤال، لم تكن تتوقعه! وانهارت القوة التي تغالب بها أعصابها، انهارت بغتة كأنما انفجرت فيها قنبلة خفية، واجتاحتها موجة طاغية من التمرد والجموح والجنون، فقالت بصوت غريب: ليس هو من النوع الذي يعجبني.
وغاضت آثار الضحكة في عيني العروس، واتسعت عيناها في دهشة وإنكار، وجعلت تنظر إلى نفيسة لحظة ساهمة واجمة، كأنها لا تصدق أذنيها، ثم تساءلت بغرابة: حقا؟! ترى ما النوع الذي يعجبك؟
فقالت ببرود دون أن تفارقها هذه الروح الجنونية: دعك من هذا، المهم أن يعجبك أنت، أليس كذلك؟
فقالت ولما تفق من دهشتها: أظن هذا. - مبارك عليك.
ولكن الفتاة لم تقبل أن ينتهي الحديث عند هذا الحد؛ أفاقت من دهشتها وكبر عليها قول الأخرى فثار بها الغيظ، وقالت متسائلة في تهكم: وزبوناتك الأخريات من العرائس ألم يكن أزواجهن من النوع الذي يعجبك؟
Página desconocida