وقبل أن تبدأ حركة قالت نفيسة بانفعال: لن أسمح لمخلوق بأن يمس ثياب أبي.
فقال حسن مؤمنا على قولها: وما من فائدة ترجى من بيعها.
وساد الصمت حينا، ثم قال حسن مستدركا وكأنه يواصل حديثه: وفضلا عن هذا فلن ينقضي وقت طويل حتى تشتد حاجتنا إلى الملابس!
فتساءلت نفيسة في ارتياع: أيمكن أن تستعملوا ملابس أبي؟!
ولم يجرؤ أحد على الاعتراض، ولكن الرقة مست قلب الأم فقالت: ما في ذلك من ذنب، وليس فيه ما يسيء إلى المرحوم، بل لعله مما يطيب ثراه، ولكني سأحتفظ بها بنفسي حتى تمس الحاجة إليها حقا.
وتشجع حسن بقولها فقال في ارتياح: نطقت عن حكمة، وإني أذكرك بأني الوحيد الذي لا أكاد اختلف طولا أو عرضا عن المرحوم أبي.
وتناسى الشقيقان الحزن الذي ران على صدريهما فقال حسنين محتجا: إني وإن كنت أطول منك قليلا إلا أنه يمكن مد ثنية البنطلون!
وقال حسين بلهجة ذات معنى: أو ثنيها مرة أخرى.
فقالت الأم في ضيق: لا داعي للنزاع. توجد أكثر من بدلة في حال لا بأس بها، وسأوزعها تبعا للحاجة لها.
ثم بلغ المسامع طرق على الباب فقطع عليهم الحديث، وخفت نفيسة إليه ففتحته، فدخلت خادم فريد أفندي محمد حاملة سلة مغطاة بغطاء أبيض وضعتها على السفرة وهي تقول: ستي تسلم عليك يا ستي، وتقول إن هذا فطير القرافة.
Página desconocida