إذا ورد عليه منها ما يخالف المعهود من لغة أهل زمانه لم يسرع إلى النكير فيه والتلحين. أخبرنا أبو عمر عن أبي العباس قال: قال ابن الخطاب: أنحى الناس من لم يلَحِّن أحدًا. وسمعت ابن أبي هريرة يحكي عن أبي العباس بن سريج قال: سأل رجل بعض العلماء عن قول الله ﷿: ﴿لا أقسم بهذا البلد﴾ قأخبر أنه لا يقسم ثم أقسم به في قوله: ﴿والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا﴾ فقال له ابن سريج: أي الأمرين أحب إليك؛ أجيبك ثم أقطعك، أو أقطعك ثم أجيبك؟ قال: لا بل اقطعني ثم أجبني. فقال له: أعلم أن هذا القرآن نزل على رسول الله ﷺ بحضرة رجال وبين ظهراني قوم كانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزًا، وعليه مطعنًا فلو كان هذا عندهم مناقضة لتعلقوا به وأسرعوا بالرد عليه، ولكن القوم علموا وجهلت، فلم ينكروا ما أنكرت، ثم قال له: إن العرب قد تدخل لا في أثناء كلامها وتلغي معناها، كقول الشاعر:
في بئر لا حور سرى وما شعر
يريد في بئر حور سرى وما شعر، وأخبرني أبو عمر عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال: العرب تذكر لا وتلغيه ولا تضمر لا وتستعمله، وانشد في الأول قوله:
في بئر لاحور سرى وما شعر
1 / 47