الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
Editorial
دار القلم
Edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
Géneros
أحدها: إلى الموت، وهذا قول من يقول المستقر هو المقام في الدنيا. قاله السدي (١).
والثاني: إلى قيام الساعة، وهذا قول من يقول المستقر هو القبور. قاله ابن عباس (٢)، ومجاهد (٣).
والثالث: إلى أجل. قاله الربيع (٤).
والرابع: أن الحين: الوقت البعيد، قال خويلد (٥):
كأبي الرماد عظيم القدر جفنته ... حين الشتاء كحوض المنهل اللقف
لقف الحوض لقفا، أي تهور من أسفله واتسع.
وقال القرطبي: "والحين أيضا: المدة ومنه قوله تعالى: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾ [الإنسان: ١]، والحين الساعة قال الله تعالى ﴿أو تَقُولَ حِينَ تَرَى العَذَابَ﴾ [الزمر: ٥٨]، قال ابن عرفة الحين القطعة من الدهر كالساعة فما فوقها وقوله "فذرهم في غمرتهم حتى حين﴾ [المؤمنون: ٥٤] أي حتى تفنى آجالهم وقوله تعالى ﴿تؤتي أكلها كل حين﴾ [إبراهيم: ٢٥] أي كل سنة وقيل بل كل ستة أشهر وقيل بل غدوة وعشيا، والحين الغدوة والعشية قال الله تعالى ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾ [الروم: ١٧] ويقال عاملته محاينة من الحين وأحينت بالمكان إذا أقمت به حينا وحان حين كذا أي قرب، قالت بثينة (٦):
وإنَّ سُلُوِّي عن جميلٍ لَساعةٌ ... من الدَّهْرِ ما حانتْ ولا حان حِينُها" (٧)
وقد ذكر أهل التفسير أن لكلمة (حين) في القرآن الكريم دلالات (٨):
١ - حين بمعنى: ستة أشهر، ومنه قوله تعالى: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [إبراهيم: ٢٥] (٩).
٢ - حين بمعنى: منتهى الآجال، ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ [البقرة: ٣٦]، وقوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [يونس: ٩٨].
٣ - حين بمعنى: الساعات، ومنه قوله تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [الروم: ١٧ - ١٨].
٤ - حين بمعنى: وقت منكر، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ [ص: ٨٨].
٥ - حين بمعنى: أربعون سنة، ومنه قوله تعالى: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١].
٦ - حين بمعنى: ثلاثة أيام، ومنه قوله تعالى في الذاريات: ﴿وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ﴾ [الذاريات: ٤٣].
٧ - حين بمعنى: نصف النهار، ومنه قوله تعالى: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ﴾ [القصص: ١٥].
(١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٠٢): ص ١/ ٩٠.
(٢) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٠٤): ص ١/ ٩٠.
(٣) انظر: تفسير الطبري (٧٧٢): ص ١/ ٥٤٠.
(٤) انظر: تفسير الطبري (٧٧٣): ص ١/ ٥٤٠.
(٥) ديوان الهذليين ٢/ ١٥٦ برواية: " عند الشتاء " وجاء في تفسيره: والحوض اللقف: الذي يتهدم من أسفله، وبهامشه عن الأغاني في تفسير اللقف: اللقف: الذي يضرب الماء أسفله فيتساقط وهو ملان.
(٦) ديوانه: ٢٢٤، بثينة هي صاحبة جميل بن معمر الشاعر المعروف بحميل بثينة، والبيت في أمالي القالي: ١/ ٢٠١، والمجمل: ٢٤٤، واللسان والتاج: (ح ي ن).
(٧) انظر: تفسير القطبي: ١/ ٣٢٢ - ٣٢٣.
(٨) انظر: نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر: ابن الجوزي: ٢٥٥، ومعاني القرآن للزجاج: ١/ ١١٦.
(٩) قال الزجاج: "وإنما ﴿كل حين﴾، ههنا جُعِلَ لمدة معلومة، والحين يصلح للأوقات كلها، إلا أنه - في الاستعمال - في الكثير منها أكثر، يقال ما رأيتُكَ منذُ حين، تريد منذ حين طويل". [معاني القرآن: ١/ ١١٦].
2 / 197