وكان الحسن يقول: إن كان بغيتك من الدنيا ما يكفيك، فأدنى ما فيها يكفيك، وإن كان الذي تعمل منها ما يكفيك، فليس شيء يكفيك.
وكان يقول: إن هذا الموت فضح الدنيا، فلم يترك لأحد بها فرحا.
وكان يقول : لئن كانت الدنيا ملئت باللذات، فلقد حشيت بالآفات، ووجبت من أجلها التباعات.
وكان يقول: ابن آدم! إياك أن تكون صاحب دنيا، لها ترضى، ومن أجلها تغضب، وعليها تقاتل، وفيها تتعب وتنصب، ارفضها إلى النار إن كنت طالب الجنة، أو فدع التمني يا لكع؛ فإن حكيما يقول:
وإن امرأ دنياه أكبر همه ... لمستمسك منها بحبل غرور
ابن آدم! الثواء هاهنا قليل، والعذاب هنالك كثير طويل، لقد روي عن بعض الزاهدين أنه كان يقول: الدنيا والدة للموت، ناقضة للمبرم، مرتجعة للعطية، وكل من فيها يجري إلى ما لا يدري، وكل مستقر فيها غير راض بها، وذلك دليل على أنها ليست بدار قرار.
وكان يقول: ابن آدم! إياك والتسويف؛ فإنه مهلك، يعمد أحدكم إلى رزق الله فينفقه في البناء والتبذير، والسرف والمخيلة، وفي زينة الحياة الدنيا، ولعل أحدكم أن ينفق مثل دينه في بلوغ هواه، ولا يتصدق بدرهم واحد طغيانا في رزق الله، وهربا عن حق الله، ستعلم يا لكع!
Página 71