وكان يقول: صحبت أقواما كان أحدهم يأكل على الأرض، وينام عليها، منهم صفوان بن محرز، كان قد عود نفسه أكل رغيف، وكان يقول: إذا أتيت إلى أهلي، وأصبت رغيفا، فجزى الله الدنيا عن طلابها والراغبين فيها شرا، وكان آخر يقول: إذا أكلت من طعامكم رغيفا، وشربت كوز ماء، فعلى دنياكم العفاء.
وكان الحسن يقول: أهينوا الدنيا، فأكرم ما تكون حين تهان.
ولقد روي: إذا كانت الدنيا في القلب، نفرت عنها الآخرة؛ لأنها عزيزة كريمة.
وكان يقول: ابن آدم! إن لك عاجلة وآجلة، فلا تؤثرن عاجلتك على آجلتك فتندم، واعلم أنك إن تبع دنياك بآخرتك تربحهما، وإن تبع آخرتك بدنياك تخسرهما.
ابن آدم! إنه لا يضرك ما زوي عنك من دنياك إذا ادخر لك خير آخرتك، وما ينفعك خير ما أصبت منها إذا حرمن خير آخرتك.
ابن آدم! إن الدنيا مطية، إن ركبتها حملتك، وإن حملتها أثقلتك.
ابن آدم! إنك مرتهن بعملك، وارد عليك أجلك، معروض على ربك، فخذهما في يديك لما بين يديك؛ فعند الموت يأتيك الخبر اليقين، {يوم لا ينفع مال ولا بنون. إلا من أتى الله بقلب سليم}.
وكان يقول: لله در بكر بن عبد الله حين قال: الدنيا ما مضى منها فحلم، وما بقي منها فأماني وإثم.
Página 70