Zuhri Ahadithhu Wa Sirathu
الز هري أحاديثه وسيرته
Genres
واعلم أن أيسر ما ارتكبت، وأخف ما احتملت أنك آنست وحشة الظالم، وسهلت سبيل الغي بدنوك ممن لم يؤد حقا ولم يترك باطلا حين أدناك، اتخذوك قطبا تدور عليك رحى باطلهم، وجسرا يعبرون عليك إلى بلائهم، وسلما يصعدون فيك إلى ضلالهم، يدخلون بك الشك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهلاء.
فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك، وما أكثر ما أخذوا منك في جنب ما أفسدوا عليك من دينك.
فما يؤمنك أن تكون ممن قال الله فيهم: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا}[مريم:59].
فإنك تعامل من لا يجهل ويحفظ عليك من لا يغفل، فداو دينك فقد دخله سقم، وهيئ زادك فقد حضر السفر البعيد، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء، والسلام.
وقد روى هذا قبل الزمخشري الإمام الموفق بالله أحد أئمة الزيدية في كتاب الاعتبار وسلوة العارفين، في باب مداناة العلماء من الأمراء ومخالطتهم باختلاف يسير.
وفي كتاب الإمامة والسياسة المعروف بتاريخ الخلفاء لابن قتيبة(1) حكاية كلام أبي حازم لسليمان بن عبدالملك، وساق ذكر المحاورة بينهما حتى قال(2) قال الزهري: إنه لجاري منذ ثلاثين سنة ما كلمته قط.
قال أبو حازم: صدقت لأنك نسيت الله ونسيتني، ولو ذكرت الله لذكرتني.
قال الزهري: أتشتمني؟
قال له سليمان: بل أنت شتمت نفسك، أما علمت أن للجار حقا.
قال أبو حازم: إن بني إسرائيل لما كانوا على الصواب كانت الأمراء تحتاج إلى العلماء وكانت العلماء تفر بدينها من الأمراء، فلما رئي قوم من أراذل الناس تعلموا العلم وأتوا به الأمراء استغنت الأمراء عن العلماء واجتمع القوم على المعصية فسقطوا وهلكوا، ولو كان علماؤنا هؤلاء يصونون علمهم لكانت الأمراء تهابهم وتعظمهم.
فقال الزهري: كأنك إياي تريد، وبي تعرض.
Page 75