خافية ، فلا يبخس أحدا حقه.
وفي هذه الآية دلالة على أن السعي بين الصفا والمروة عبادة. ولا خلاف في ذلك ، وإنما الخلاف في وجوبه ، فهو عندنا واجب في الحج والعمرة بالإجماع ، وبه قال الحسن وعائشة. ومذهب الشافعي أنه واجب وركن. وقال : إن السنة أوجبت السعي ، وهوقوله صلى الله عليه وآلهوسلم : «كتب عليكم السعي فاسعوا».
وعن أحمد : سنة ، وبه قال أنس ، لقوله تعالى ( فلا جناح ). وهو ضعيف ، لأن نفي الجناح يدل على الجواز الداخل في معنى الوجوب ، فلا يدفعه. وعن أبي حنيفة : أنه واجب يجبر بالدم.
( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (159) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم (160))
ثم حث الله سبحانه على إظهار الحق وبيانه ، ونهى عن إخفائه وكتمانه ، فقال : ( إن الذين يكتمون ) كأحبار اليهود ( ما أنزلنا من البينات ) الحجج الدالة على صحة نبوة محمد المكتوبة في كتابهم الشاهدة عليها. وهو جمع بينة ، فعيلة من البيان ، وهو ظهور الحق ، وكل ما قام به حق يسمى بينة وحجة وبرهانا ( والهدى ) وهو ما يهدي إلى وجوب اتباعه من الأدلة الهادية إلى نعته ، والأمر باتباعه والإيمان به. وقيل : المراد بالأول الأدلة النقلية ، وبالثاني الأدلة العقلية ( من بعد ما بيناه ) لخصناه للناس ( في الكتاب ) في التوراة ، بحيث لم ندع فيه موضع إشكال ولا اشتباه على أحد منهم ، فكتموا ذلك المبين الملخص ( أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ) أي : الذين يتأتى منهم اللعن عليهم من الملائكة ومؤمني الثقلين.
Page 271