فقال: وددت أن آل الخطاب كانوا كذلك! قالوا: فقد قال:
تعاف الكلاب الضاريات لحومهم ... وتأكل من عوف بن كعب بن نهشل
فقال: كفى ضياعا من تأكل الكلاب لحمه! قالوا: فقد قال:
ولا يردون الماء إلّا عشية ... إذا صدر الورّاد عن كلّ منهل «١»
فقال: ذلك أصفى للماء، وأقل للزّحام! قالوا: فقد قال:
وما سمّى العجلان إلّا لقوله ... خذ القعب واحلب أيها العبد واعجل
فقال: سيّد القوم خادمهم!.
وكان عمر ﵁ أعلم بما في هذا الشعر، ولكنه درأ الحدود بالشبهات «٢» وهؤلاء بنو نمير بن عامر بن صعصعة من القوم أحد جمرات العرب وأشرف بيوت قيس بن عيلان بن مضر. وجمرات العرب ثلاثة؛ وإنما سمّوا بذلك لأنهم متوافرون في أنفسهم، لم يدخلوا معهم غيرهم؛ والتجمير في كلام العرب:
التجميع، وهم: بنو نمير بن عامر، وبنو الحارث بن كعب، وبنو ضبة بن أد. فطفئت جمرتان، وهما بنوضبّة لأنها حالفت الرباب، وبنو الحارث لأنها حالفت مذحج، وبقيت نمير لم تحالف؛ فهى على كثرتها ومنعتها. وكان الرجل منهم إذا قيل له:
ممّن أنت؟ قال: نميرى كما ترى! إدلالا بنسبه، وافتخارا بمنصبه، حتى قال جرير ابن [عطية بن] الخطفى لعبيد بن حصين الراعى أحد بنى نمير بن عامر:
فغضّ الطّرف إنّك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا
كعب وكلاب: ابنا ربيعة بن عامر بن صعصعة؛ فصار الرجل منهم إذا قيل له:
ممن أنت؟ يقول: عامرى، ويكنى عن نمير.
ومرّت امرأة بقوم من بنى نمير، فأحدّوا النظر إليها، فقال منهم قائل: والله
1 / 55