159

Zād al-maʿād fī hady khayr al-ʿibād

زاد المعاد في هدي خير العباد

Editor

محمد أجمل الإصلاحي ومحمد عزير شمس ونبيل بن نصار السندي وسليمان بن عبد الله العمير وعلي بن محمد العمران

Publisher

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

Edition Number

الثالثة (الأولى لدار ابن حزم)

Publication Year

1440 AH

Publisher Location

الرياض وبيروت

فقال تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران: ١٧٣]، ولم يقولوا: حسبنا الله ورسوله. فإذا كان هذا قولهم، ومدحُ الربِّ تعالى لهم بذلك، فكيف يقول لرسوله: اللهُ وأتباعُك حسبُك؟ وأتباعُه قد أفردوا الربَّ تعالى بالحسب، ولم يُشركوا بينه وبين رسوله فيه، فكيف يُشرك بينهم وبينه في حسب رسوله؟! هذا من أمحل المحال وأبطل الباطل.
ونظير هذا قوله سبحانه: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾ [التوبة: ٥٩]. فتأمَّلْ كيف جعل الإيتاء لله ولرسوله، كما قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: ٧]، وجعل الحسب له وحده، فلم يقل: وقالوا: حسبنا الله ورسوله، بل جعله خالصَ حقِّه؛ كما قال: ﴿إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾. ولم يقل: وإلى رسوله، بل جعل الرغبة إليه وحده، كما قال تعالى: ﴿(٦) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ﴾ [الشرح: ٧ - ٨]. فالرغبة والتوكل والإنابة والتحسُّب لله وحده، كما أن العبادة والتقوى والسجود (^١) والنذر والحلف لا يكون إلا له (^٢) ﷾.
ونظير هذا قوله تعالى: ﴿(٣٥) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر: ٣٦]. والحسب: هو الكافي، فأخبر سبحانه أنه وحده كافٍ عبدَه، فكيف يجعل أتباعه مع الله في هذه الكفاية؟ والأدلة الدالة على بطلان هذا التأويل الفاسد

(^١) بعده في ن زيادة: «لله وحده».
(^٢) ع، ك: «لله».

1 / 10