وهذا أصحُّ التقديرين.
وفيها تقدير ثالث: أن تكون (مَن) في موضع رفع بالابتداء، أي: ومن اتبعك من المؤمنين فحسبهم الله.
وفيها تقدير رابع، وهو خطأ من جهة المعنى (^١): وهو (^٢) أن تكون (مَن) في موضع رفع عطفًا على اسم الله، ويكون المعنى: حسبك الله وأتباعك. وهذا وإن قاله بعض الناس (^٣)، فهو خطأ محض لا يجوز حمل الآية عليه، فإن الحسب والكفاية لله وحده، كالتوكل والتقوى والعبادة. قال تعالى (^٤): ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ٦٢]. ففرَّق بين الحسب والتأييد، فجعل الحسب له وحده، وجعل التأييد له بنصره وبعباده (^٥).
وأثنى سبحانه على أهل التوحيد (^٦) من عباده حيث أفردوه بالحسب،
(^١) انظر: «منهاج السنة» (٧/ ٢٠١ - ٢٠٨). وقال شيخ الإسلام في «الاقتضاء» (٢/ ٣٦٦): «ومن ظن أن معناها: حسبك الله والمؤمنون، فقد غلط غلطًا عظيمًا من وجوه كثيرة مبسوطة في غير هذا الموضع». ونحوه في «رسالة العبودية» (ص ٥٠) و«الإخنائية» (ص ٤٨٧) وغيرهما. وانظر: رسالة ابن رُشَيِّق في مؤلفاته ضمن «الجامع لسيرة شيخ الإسلام» (ص ٢٨٧).
(^٢) ك، ع: «وهي».
(^٣) هو قول مجاهد والكسائي، وهو أحبُّ إلى الفراء. انظر: «زاد المسير» (٣/ ٣٧٣) و«معاني الفراء» (١/ ٤١٧ - ٤١٨).
(^٤) ق، ع، ن: «الله تعالى».
(^٥) انظر: «منهاج السنة» (٧/ ٢٠٥).
(^٦) في النسخ المطبوعة: «التوحيد والتوكل». وهو خطأ وقع في الطبعة الهندية، وتابعتها الطبعات الأخرى!