فاللعب الذي نعنيه غير التسلية.
واللعب الذي نعنيه غير الرياضة.
لأن الورق والنرد والشطرنج تسمى ألعابا، ولكنها لا تحتاج إلى فيض حياة ولا إلى تمام شعور، بل لعلها تحتاج إلى الكسل والراحة والفتور، وهي في لبابها شغل من الأشغال، ولكنه شغل فراغ.
ولأن الرياضة وسيلة إلى غيرها في كثير من الأحوال، فهي بين رياضة تراد للحرب، ورياضة تراد للعلاج، ورياضة تراد لاحتمال المشقات، ورياضة تراد للتجميل والتقويم.
أما اللعب الذي نعنيه فهو التعبير الملازم لحالة الفيض والإشراق، فلا يراد بعد ذلك لغرض من الأغراض.
هو شيء كلمعان الزجاج حين ينتفي عنه الكدر وينجلي عنه الغشاء.
فلا يقال: إن الزجاج يلمع لهذا الغرض أو لذاك، ولا يقال: إن اللمعان وسيلة مقصودة؛ ليبيعه البائعون ويشتريه المشترون ويصنعه الصانعون.
وكل ما يقال: إنه يلمع لأن اللمعان طبيعة فيه، وشعاع من نوره السابغ عليه.
وعلى هذا المعنى يدخل في باب اللعب ابتكار الفنان، ووحي القريحة، وتوقان النفوس إلى العظائم، وغرام العقول بالكشف عن المجهول، ولألاء الجمال في الوجوه ولألاء الجمال في الأرواح.
وعلى هذا المعنى كذلك يعم اللعب فطرة الحياة حيثما وجد الأحياء.
Unknown page