157

Yaqutat Ghiyasa

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Genres

وأما الاجتماع والإفتراق فإن الكون في حال حدوثه يحصل عليهما ويتقيد بهما، ويخرج عن كونه مطلقا إذا كان المحدث أكثر من جوهر واحد.

وأما الموضع الثاني: وهو في حكاية المذهب وذكر الخلاف، فاعلم أن العلماء اختلفوا في ذلك، فاتفق الجمهور من الزيدية والمعتزلة والمرجئة والمجبرة أن في هذه الأجسام أمورا زائد عليها، والخلاف في ذلك مع طائفة من الفلاسفة، وهشام من الحكم من المجسمة، وحفص القرد من المجبرة، والأصم من النواصب فإنهم ذهبوا إلى نفي الأكوان والصفات الموجبة عنها ولم يثبتوا إلا المتحيز، ثم اختلفوا من أثبت في الكائن أمرا زائدا على المتحيز فذهب الجمهور من الزيدية والمعتزلة إلى إثبات الأكوان التي هي الحركة والسكون، والاجتماع والإفتراق، وإثبات الصفات الموجبة عنها، من كونه متحركا وساكنا، ومجتمعا ومفترقا، وذهب أبو الحسين البصري، ومحمود الملاحمي، ومن قال بقولهما إلى أن هذا الأمر الزائد وهو كما بينه صفة ثابته للمتحيز، وهذه الصفة بالفاعل، وهو المعاني التي هي الأكوان.

وأما الموضع الثالث: وهو الدليل على صحة ماذهبنا إليه وفساد ماذهب إليه المخالف، فينبغي أولا أن يدل على صحة ما ذهب إليه الجمهور من إثبات أمور زائدة على ذات المتحيز، ثم نذكر بعد ذلك ما استدل به من أثبت الأكوان والصفات الموجبة عنها.

وما انطلق به قول أبي الحسين منه أن الكائنة بالفاعل، أما ما يدل على صحة ما ذهب إليه الجمهور من الأمر الزائد فذلك وجوه خمسة:

أحدها: أن يقول لهم إن الذوات وهي الأجسام وجميع المتحيزات قد اتفقت في الجوهرية والمتحيز والوجود، ثم اختلفت فكان بعضها ساكنا، وبعضها متحركا، وبعضها مجتمعا، وبعضها مفترقا، فيجب فيما افترقت فيه من الحركة والسكون، والاجتماع والإفتراق [82أ] أن يكون أمرا زائدا على ماا تفقت فيه من ذواتها وتحيزها وجوهريتها ووجودها، وإلا كانت متفقة مفترقة في أمر واحد وذلك محال.

Page 159