Uṣūl al-Sarakhsī
أصول السرخسي
Editor
أبو الوفا الأفغاني
Publisher
لجنة إحياء المعارف النعمانية
Edition
الأولى
Publisher Location
حيدر آباد
Genres
Jurisprudence
طَوِيلَة فِي الْحَضَر وَالسّفر فَإِن أَبَا هُرَيْرَة مِمَّن لَا يشك أحد فِي عَدَالَته وَطول صحبته مَعَ رَسُول الله ﷺ حَتَّى قَالَ لَهُ (زر غبا تَزْدَدْ حبا) وَكَذَلِكَ فِي حسن حفظه وَضَبطه فقد دَعَا لَهُ رَسُول الله ﷺ بذلك على مَا رُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ يَزْعمُونَ أَن أَبَا هُرَيْرَة يكثر الرِّوَايَة وَإِنِّي كنت أصحب رَسُول الله ﷺ على ملْء بَطْني وَالْأَنْصَار يشتغلون بِالْقيامِ على أَمْوَالهم والمهاجرون بتجاراتهم فَكنت أحضر إِذا غَابُوا وَقد حضرت مَجْلِسا لرَسُول الله ﷺ فَقَالَ (من يبسط مِنْكُم رِدَاءَهُ حَتَّى أفيض فِيهِ مَقَالَتي فيضمها إِلَيْهِ ثمَّ لَا ينساها) فبسطت بردة كَانَت عَليّ فَأَفَاضَ فِيهَا رَسُول الله ﷺ مقَالَته ثمَّ ضممتها إِلَى صَدْرِي فَمَا نسيت بعد ذَلِك شَيْئا
وَلَكِن مَعَ هَذَا قد اشْتهر من الصَّحَابَة ﵁ وَمن بعدهمْ مُعَارضَة بعض رواياته بِالْقِيَاسِ هَذَا ابْن عَبَّاس ﵄ لما سَمعه يروي (توضؤوا مِمَّا مسته النَّار) قَالَ أَرَأَيْت لَو تَوَضَّأت بِمَاء سخن أَكنت تتوضأ مِنْهُ أَرَأَيْت لَو ادهن أهلك بدهن فادهنت بِهِ شاربك أَكنت تتوضأ مِنْهُ فقد رد خَبره بِالْقِيَاسِ حَتَّى رُوِيَ أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ (لَهُ) يَا ابْن أخي إِذا أَتَاك الحَدِيث فَلَا تضرب لَهُ الْأَمْثَال
وَلَا يُقَال إِنَّمَا رده بِاعْتِبَار نَص آخر عِنْده وَهُوَ مَا رُوِيَ أَن النَّبِي ﵇ أَتَى بكتف مؤربة فَأكلهَا وَصلى وَلم يتَوَضَّأ لِأَنَّهُ لَو كَانَ عِنْده نَص لما تكلم بِالْقِيَاسِ وَلَا أعرض عَن أقوى الحجتين أَو كَانَ سَبيله أَن يطْلب التَّارِيخ بَينهمَا ليعرف النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ أَو أَن يخصص اللَّحْم من ذَلِك الْخَبَر بِهَذَا الحَدِيث فَحَيْثُ اشْتغل بِالْقِيَاسِ وَهُوَ مَعْرُوف بالفقه والرأي من بَين الصَّحَابَة على وَجه لَا يبلغ دَرَجَة أبي هُرَيْرَة فِي الْفِقْه ودرجته عرفنَا أَنه استخار التَّأَمُّل فِي رِوَايَته إِذا كَانَ مُخَالفا للْقِيَاس
وَلما سَمعه يروي من حمل جَنَازَة فَليَتَوَضَّأ قَالَ أيلزمنا الْوضُوء فِي حمل عيدَان يابسة وَلما سَمِعت عَائِشَة ﵂ أَن أَبَا هُرَيْرَة يروي أَن ولد الزِّنَا شَرّ الثَّلَاثَة
قَالَت كَيفَ يَصح هَذَا وَقد قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى﴾
1 / 340