Usul
أصول السرخسي
Investigator
أبو الوفا الأفغاني
Publisher
لجنة إحياء المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publisher Location
حيدر آباد
قَالَ ﵁ وَقد رَأَيْت بعض الْعِرَاقِيّين من أَصْحَابنَا ﵏ قَالُوا إِن الْحَقِيقَة وَالْمجَاز لَا يَجْتَمِعَانِ فِي لفظ وَاحِد فِي مَحل وَاحِد وَلَكِن فِي محلين مُخْتَلفين يجوز أَن يجتمعا وَهَذَا قريب بِشَرْط أَن لَا يكون الْمجَاز مزاحما للْحَقِيقَة مدخلًا للْجِنْس على صَاحب الْحَقِيقَة فَإِن الثَّوْب الْوَاحِد على اللابس يجوز أَن يكون نصفه ملكا وَنصفه عَارِية وَقد قُلْنَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم﴾ إِنَّه يتَنَاوَل الْجدَّات وَبَنَات الْبَنَات وَالِاسْم للْأُم حَقِيقَة وللجدات مجَاز وَكَذَلِكَ اسْم الْبَنَات لبنات الصلب حَقِيقَة ولأولاد الْبَنَات مجَاز وَكَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم﴾ فَإِنَّهُ مُوجب حُرْمَة مَنْكُوحَة الْجد كَمَا يُوجب حُرْمَة مَنْكُوحَة الْأَب فَعرفنَا أَنه يجوز الْجمع بَينهمَا فِي لفظ وَاحِد وَلَكِن فِي محلين مُخْتَلفين حَتَّى يكون حَقِيقَة فِي أَحدهمَا مجَازًا فِي الْمحل الآخر وَهَذَا بِخِلَاف الْمُشْتَرك فالاحتمال هُنَاكَ بِاعْتِبَار مَعَاني مُخْتَلفَة وَلَا تصور لِاجْتِمَاع تِلْكَ الْمعَانِي فِي كلمة وَاحِدَة وَهنا تجمع الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي احْتِمَال الصِّيغَة لكل وَاحِد مِنْهُمَا معنى وَاحِدًا وَهُوَ الْأَصَالَة فِي الْآبَاء والأجداد والأمهات والجدات والولاد فِي حق الْأَوْلَاد وَلَكِن بَعْضهَا بِوَاسِطَة وَبَعضهَا بِغَيْر وَاسِطَة فَيكون هَذَا نَظِير مَا قَالَ أَبُو حنيفَة ﵀ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا﴾ إِنَّه يتَنَاوَل جَمِيع أَجنَاس الأَرْض بِاعْتِبَار معنى يجمع الْكل وَهُوَ التصاعد من الأَرْض وَإِن كَانَ الِاسْم للتراب حَقِيقَة
وَبَيَان الْفرق بَين الْمُشْتَرك وَبَين الْمجَاز مَعَ الْحَقِيقَة فِي الْمَعْنى الَّذِي ذكرنَا فِيمَا قَالَ فِي السّير لَو استأمن لمواليه وَله موَالٍ أَعلَى وأسفل فالأمان لأحد الْفَرِيقَيْنِ وَهُوَ مَا أَرَادَهُ الَّذِي آمنهُ وَإِن لم يرد شَيْئا يَأْمَن الْفَرِيقَانِ بِاعْتِبَار أَن الْأمان يتَنَاوَل أَحدهمَا لَا بِاعْتِبَار أَنه يتناولهما لِأَن الِاسْم مُشْتَرك وبمثله لَو كَانَ لَهُ موَالٍ وموالي موَالٍ ثَبت الْأمان لِلْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا بِاعْتِبَار أَنه يجوز أَن يكون اللَّفْظ الْوَاحِد عَاملا بحقيقته فِي مَوضِع وبمجازه فِي مَوضِع آخر
ثمَّ طَرِيق معرفَة الْحَقِيقَة السماع لِأَن الأَصْل فِيهِ الْوَضع وَلَا يصير ذَلِك مَعْلُوما إِلَّا بِالسَّمَاعِ بِمَنْزِلَة الْمَنْصُوص فِي أَحْكَام الشَّرْع وَطَرِيق الْوُقُوف عَلَيْهَا السماع فَقَط
1 / 177