Umara Bihar Fi Usul Misri

Jamil Khanki d. 1400 AH
45

Umara Bihar Fi Usul Misri

أمراء البحار في الأسطول المصري في

Genres

وقد اشتركت مصر في عهد سعيد باشا في حربين: حرب القرم (من سنة 1854 إلى سنة 1856)، وحرب المكسيك (من سنة 1862 إلى سنة 1867).

فقد واصل سعيد باشا حرب القرم التي بدأت في عهد سلفه عباس الأول، وأرسل النجدات إلى الجيش المصري المرابط فيها حتى بلغ عدده 30,000 مقاتل. وقد عانى المصريون هنالك في خلال شتاء عامي 1854 و1855 الشدائد والأهوال من شدة البرد القارس، ولقي الكثيرون منهم حتفهم في ميادين القتال أو من فتك الأوبئة والأمراض التي تفشت بينهم. وقد دافعوا دفاعا مجيدا عن إيباتوريا

Eupatoria ، وهو ثغر من ثغور شبه جزيرة القرم احتله الحلفاء لمهاجمة مواقع الروس الحصينة، وقد استشهد فيه سليم باشا فتحي القائد العام للجيش المصري، كما استشهد حسن باشا الإسكندراني القائد العام للأسطول المصري ومحمد شنن بك من قواد البحرية المصرية في يوم 31 أكتوبر سنة 1854، إذ هبت رياح عاصفة على سفينتيهما في عرض البحر الأسود وتكاثر عليهما الضباب عند مدخل بوغاز البوسفور، مما أدى إلى اصطدام الغليون «مفتاح جهاد» الذي كان يقل حسن الإسكندراني باشا بالفرقاطة المصرية «البحيرة» التي كان يقودها محمد شنن بك، فغرق في أقل من ساعة ألف وتسعمائة وعشرون مقاتلا كانوا على ظهريهما، ولم ينج سوى مائة وثلاثين جنديا. وقد انتهت حرب القرم بفوز تركيا وحلفائها - فرنسا وإنجلترا ومملكة بيمونت ومصر - على الروس، وأبرم الصلح في مؤتمر باريس في 30 مارس سنة 1856 وقد سلمت فيه روسيا بمطالب الفائزين.

5

أما حرب المكسيك فلها قصة، ذلك أن أهل المكسيك كانوا قد أساءوا معاملة الأجانب الفرنسيين والإسبانيين والإنجليز، وكانوا ينتهزون فرصة قيام أقل شغب في البلاد لنهب أموالهم وسلب بضائعهم. فلما كثرت الشكوى اتفقت فرنسا وإنجلترا وإسبانيا على أن تشترك معا في محاربة المكسيك، وأمضى سفراؤهم في لندرة اتفاقا في أكتوبر سنة 1861 على القيام بعمل مشترك. وفي ديسمبر سنة 1861 احتلت إسبانيا مدينة فيراكروز، وتولت إنجلترا مراقبة شواطئ المكسيك بأسطول قوي، في حين أرسل نابليون الثالث إمبراطور فرنسا الأميرال جورين على رأس ثلاثمائة مقاتل لمحاربة أهل تلك البلاد. إلا أن رئيس جمهورية المكسيك جواريز

Juarez

تمكن بدهائه السياسي من الاتفاق مع الإسبانيين والإنجليز حتى تخلوا عن حليفتهم فرنسا . فاضطرت فرنسا وقد انفردت بالحرب ضد المكسيكيين إلى إرسال نجدات جديدة إلى تلك البلاد. غير أن الأمراض فشت بين الفرنسيين وفتكت بهم فتكا ذريعا ولا سيما أن الفرنسيين لم يتحملوا حر بلاد المكسيك وتقلب الطقس فمات منهم عدد كبير. فكر نابليون الثالث في أن يستعين بالجنود المصريين الذين اعتادوا حر مصر والسودان، فطلب من سعيد باشا - وكان صديقا حميما له - أن يمده بالجند، فلبى سعيد باشا الطلب وأرسل إليه الكتيبة السودانية - وكانت مؤلفة من 1200 جندي - فأبحرت من الإسكندرية في 23 فبراير سنة 1863 وأبلت هنالك بلاء حسنا، حتى قال عنها قائد الجيش الفرنسي: «إن هؤلاء ليسوا جنودا، بل هم أسود.» وعاد ما تبقى منهم - وعددهم 300 مقاتل - إلى مصر في شهر مايو سنة 1867 بعد أن انتصر الثوار المكسيكيون وأعدموا الإمبراطور مكسمليان رميا بالرصاص، وهو الذي فرضه عليهم نابليون الثالث، فاضطر الفرنسيون إلى الجلاء عن البلاد، وهكذا اشتركت مصر في قتال لم يكن للمصريين ولا للسودانيين فيه ناقة ولا جمل!

6

أما نظام الحكم المصري في عهد سعيد باشا فقد ظل حكما مطلقا يتولاه الوالي، إذ كان يجمع في يده السلطات الثلاث: التنفيذية والقضائية والتشريعية.

أما بالنسبة إلى السلطة التنفيذية: فقد بقي «المجلس الخصوصي» قائما بنظر المسائل العامة للحكومة وسن اللوائح والقوانين وترتيب النظم العمومية وتنصيب رؤساء المصالح. وفي سنة 1857 أعاد سعيد باشا تنظيم الدواوين، فجعل منها أربع وزارات هي:

Unknown page