Nestor
29
العظيم، ثم اذهب من هناك إلى إسبرطة، إلى مينيلاوس
30
الجميل الشعر؛ لأنه كان آخر من وصل إلى وطن الآخيين المتدثرين بالبرونز، فلو قيض لك أن تسمع أن أباك لا يزال حيا، وأنه في طريقه إلى الوطن، فعندئذ حقا، رغم كدرك الشديد، لن تستطيع احتمال عام آخر. أما إذا سمعت أنه مات ومضى، فعد إلى وطنك العزيز، واصنع له كومة، وأقم فوقها المراسيم الجنائزية، الكثيرة كما يجب، ثم هب أمك لزوج، وبعد أن تنجز كل هذا وتنتهي منه، فكر مليا في عقلك وقلبك في كيفية قتل أولئك المغازلين في ساحاتك، سواء بالخديعة أو علنا؛ لأنه لا يليق بك الالتجاء إلى الأعمال الصبيانية، ما دمت لست في سن الطفولة. ألم تسمع عن الصيت الذي ناله أوريستيس العظيم بين سائر البشر عندما أخذ بالثأر من قاتل أبيه، أيجيسثوس الغادر، الذي قتل أباه المجيد؟ هكذا أنت أيضا، يا صديقي؛ لأنني أراك لطيفا وفارع الطول. كن شجاعا، كي يتغنى بالثناء عليك كل واحد من الجيل القادم. أما الآن، فإنني ذاهب إلى سفينتي السريعة وإلى زملائي، الذين - على ما أعتقد - هم غاضبون أشد الغضب من انتظارهم إياي. وأما أنت، فاهتم بما قلته لك، وأصغ إليه جيدا.»
عندئذ رد عليها تيليماخوس الحكيم، قائلا: «أيها الغريب، حقا إنك تسدي إلي هذا النصح بنفس طيبة، كوالد لابنه، ولن أنساه قط، ولكن تعال الآن، تمهل، رغم لهفتك إلى الانصراف حتى إذا ما استحممت وأشبعت قلبك حتى نهاية رغبته، تستطيع أن تذهب إلى سفينتك مسرور الفؤاد، وحاملا هدية ثمينة في غاية الروعة، ستكون لك مني متاعا موروثا، أشبه بهدية صديق عزيز إلى صديق عزيز.»
فأجابته الربة أثينا البراقة الناظرين، قائلة: «لا تبقيني الآن أكثر من هذا، عندما أكون تواقا إلى الرحيل، وأية هدية يأمرك قلبك بأن تعطيني إياها، فأعطنيها عندما أعود، كي أحملها إلى بيتي، متخيرا الهدية اللائقة الجميلة، وإنها لسوف تعود عليك بما تستحقه قيمتها.»
انصراف أثينا
هكذا قالت الربة أثينا ذات العينين النجلاوين، وانصرفت طائرة إلى أعلى كما لو كانت طائرا، وقد بثت في قلبه القوة والجرأة، وجعلته يفكر في أبيه أكثر من أي وقت مضى، فلاحظها تيليماخوس في عقله، وتعجب إذ خالها إلها، وفي الحال انطلق بين المغازلين، رجلا شبيها بالآلهة.
أنشودة طروادة لا تروق بينيلوبي
Unknown page