156

هكذا قالت الفتاة الحسناء؛

5

إذ خجلت من ذكر موضوع الزواج المفرح

6

لأبيها، بيد أنه فهم كل شيء، ورد عليها بقوله: «ليست البغال بعزيزة عليك، يا طفلتي، ولا أي شيء آخر. دونك وما أزمعت القيام به، فسيعد لك الخدم عربة، متينة العجلات عاليتها، مزودة بصندوق فوقها.»

ناوسيكا تغسل الملابس مع الوصيفات

ما إن قال الملك هذا،

7

حتى نادى الخدم، فلبوا النداء، وهرعوا إلى خارج القصر يعدون عربة تجرها بغال سريعة الجري، وجاءوا بالبغال فربطوها إلى العربة، وأحضرت الفتاة ثوبها المتألق من حجرتها، فوضعته فوق عربتها اللامعة، بينما أعدت أمها صندوقا ملأته بجميع صنوف الطعام حتى لا تشعر ابنتها بالجوع. لقد وضعت به أشهى وألذ الأطعمة، وملأت قربة من جلد الماعز بالخمر، وعندئذ صعدت العذراء إلى ظهر العربة. كما أعطتها أمها قارورة من الذهب مليئة بزيت الزيتون الخالص، كي تستعمله ابنتها وخادماتها في الاستحمام، فأمسكت ناوسيكا بالأعنة البراقة، وبالسوط، وألهبت به ظهور البغال، فانطلقت بالعربة، تعدو بأقصى سرعتها ، محدثة صليلا في أثناء عدوها، وهي تجر العربة التي تحمل الثوب والعذراء. ولم تكن الفتاة وحدها، بل كانت بصحبة خادماتها.

ظل الركب في طريقه حتى بلغ تيارات النهر الجميلة، حيث كانت أحواض الغسيل التي لم ينضب معينها قط - إذ كانت المياه الصافية الرقراقة تتدفق غزيرة، مندفعة إلى أعلى، فتعمل على نظافة الثياب، مهما كانت قذرة - هناك خلت الخادمات عن البغال، وسرن بحذاء النهر ذي الدوامات، حيث تركنها ترعى الحشائش المائية التي كانت كالعسل حلاوة، وأخذن الثوب من العربة في أيديهن، وحملنه إلى الماء القاتم، فغمسنه في الأخاديد، وقد انهمكت كل منهن تنافس الأخرى. وبعد أن فرغن من غسل الأثواب، ونظفنها من جميع الأوساخ، بسطنها في صفوف على شاطئ البحر، حيث كانت الأمواج ترتطم باليابسة فتجعل الحصى نظيفا غاية النظافة، ثم اغتسلن وتعطرن جيدا بالزيت، وبعد ذلك تناولن الطعام على ضفة النهار، وانتظرن حتى تجف الملابس في أشعة الشمس الساطعة. وبعد أن نلن قسطا وافرا من الطعام، الأميرة وخادماتها، خلعن عذارهن، وشرعن يلعبن بالكرة. وكانت ناوسيكا الناصعة الذراعيين، رائدتهن في الغناء.

Unknown page