Turuq Hukmiyya
الطرق الحكمية في السياسة الشرعية
Publisher
مكتبة دار البيان
Edition Number
بدون طبعة وبدون تاريخ
مِنْ ذَلِكَ فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَى الزُّبَيْرِ، فَمَسَّهُ بِعَذَابٍ، وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ دَخَلَ خَرِبَةً، فَقَالَ: قَدْ رَأَيْت حُيَيًّا يَطُوفُ فِي خَرِبَةٍ هَاهُنَا. فَذَهَبُوا فَطَافُوا، فَوَجَدُوا الْمَسْكَ فِي الْخَرِبَةِ. فَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ابْنَيْ أَبِي الْحُقَيْقِ - وَأَحَدُهُمَا زَوْجُ صَفِيَّةَ - بِالنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوا» .
فَفِي هَذِهِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الِاعْتِمَادُ عَلَى شَوَاهِدِ الْحَالِ وَالْأَمَارَاتِ الظَّاهِرَةِ وَعُقُوبَةُ أَهْلِ التُّهَمِ، وَجَوَازُ الصُّلْحِ عَلَى الشَّرْطِ، وَانْتِقَاضُ الْعَهْدِ إذَا خَالَفُوا مَا شُرِطَ عَلَيْهِمْ وَفِيهِ مِنْ الْحُكْمِ: إخْزَاءُ اللَّهِ لِأَعْدَائِهِ بِأَيْدِيهِمْ وَسَعْيِهِمْ، وَإِلَّا فَهُوَ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُطْلِعَ رَسُولَهُ عَلَى الْكَنْزِ فَيَأْخُذَهُ عَنْوَةً.
وَلَكِنْ كَانَ فِي أَخْذِهِ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ مِنْ الْحِكَمِ وَالْفَوَائِدِ، وَإِخْزَاءِ الْكَفَرَةِ أَنْفُسَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ مَا فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي بَعْضِ طُرُقِ هَذِهِ الْقِصَّةِ «أَنَّ ابْنَ عَمِّ كِنَانَةَ اعْتَرَفَ بِالْمَالِ حِينَ دَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلَى الزُّبَيْرِ فَعَذَّبَهُ» .
وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ إقْرَارِ الْمُكْرَهِ إذَا ظَهَرَ مَعَهُ الْمَالُ، وَأَنَّهُ إذَا عُوقِبَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِالْمَالِ الْمَسْرُوقِ، فَأَقَرَّ بِهِ وَظَهَرَ عِنْدَهُ: قُطِعَتْ يَدُهُ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ بِلَا رَيْبٍ.
وَلَيْسَ هَذَا إقَامَةً لِلْحَدِّ بِالْإِقْرَارِ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ بِوُجُودِ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ مَعَهُ الَّذِي تُوُصِّلَ إلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ.
1 / 8