Al-ṭuruq al-ḥukmiyya fī al-siyāsa al-sharʿiyya
الطرق الحكمية في السياسة الشرعية
Publisher
مكتبة دار البيان
Edition Number
بدون طبعة وبدون تاريخ
وَصَحَّ هَذَا أَيْضًا عَنْ الشَّعْبِيِّ وَشُرَيْحٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، قَالَ: سَأَلْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ - عَنْ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: تَجُوزُ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: تَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَوَكِيعٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ.
وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: " تَجُوزُ شَهَادَةُ النَّصْرَانِيِّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ ".
وَذَكَرَ أَيْضًا عَنْ الزُّهْرِيِّ: تَجُوزُ شَهَادَةُ النَّصْرَانِيِّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ، وَالْيَهُودِيِّ عَلَى الْيَهُودِيِّ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: إذَا اخْتَلَفَتْ الْمِلَلُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.
وَكَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مِلَّةٍ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِهَا إلَّا الْمُسْلِمِينَ. وَهَذَا أَحَدُ الرِّوَايَاتِ عَنْ الشَّعْبِيِّ.
وَالثَّانِي: الْجَوَازُ.
وَالثَّالِثُ: الْمَنْعُ.
كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مِلَّةٍ إلَّا عَلَى مِلَّتِهَا: الْيَهُودِيِّ عَلَى الْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ.
وَقَالَ مَالِكٌ: تَجُوزُ شَهَادَةُ الطَّبِيبِ الْكَافِرِ حَتَّى عَلَى الْمُسْلِمِ لِلْحَاجَةِ.
قَالَ الْقَائِلُونَ بِشَهَادَتِهِمْ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾ [آل عمران: ٧٥]، فَأَخْبَرَ أَنَّ مِنْهُمْ الْأَمِينَ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْمَالِ، وَلَا رَيْبَ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَذَا أَمِينًا عَلَى قَرَابَتِهِ ذَوِي مَذْهَبِهِ أَوْلَى.
قَالُوا: وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [الأنفال: ٧٣] فَأَثْبَتَ لَهُمْ الْوِلَايَةَ عَلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَهِيَ أَعْلَى رُتْبَةٍ مِنْ الشَّهَادَةِ، وَغَايَةُ الشَّهَادَةِ: أَنْ تُشَبَّهَ بِهَا، وَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ وَأُخْتَهُ، وَيَلِي مَالَ وَلَدِهِ، فَقَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ أَوْلَى وَأَحْرَى.
قَالُوا: وَقَدْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِشَهَادَتِهِمْ فِي الْحُدُودِ.
قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄: «أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ائْتُونِي بِأَرْبَعَةٍ مِنْكُمْ يَشْهَدُونَ، قَالُوا: وَكَيْفَ؟» الْحَدِيثَ.
وَاَلَّذِي فِي " الصَّحِيحِ ": «مُرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِيَهُودِيٍّ قَدْ حُمِّمَ، فَقَالَ: مَا شَأْنُ هَذَا؟
1 / 150