Messaggero
بتاريخ 23 / 1 / 1952 تصف جو المدينة:
وإنه وإن لم تحدث حوادث كبيرة بتونس، غير أن الدرك والبوليس والعساكر والقوات المصفحة قد ازداد تعزيزها، وهي ترابط في كل مكان تقريبا؛ إذ أصبحت تحرس حراسة شديدة المباني العامة وخاصة مساكن ضباط الجيش الفرنسي.
وكان رجال المطافئ على استعداد تام لمجابهة الطوارئ، والخوف من تجديد حرائق أمس قد طغى.
جو مدينة في حالة حرب، وكله انتظار، جو ثورة مستمرة عززه ما يسيل من دماء الشهداء في المملكة كلها.
وقد سجل صحفي فرنسي كان يعيش في تونس في تلك المدة ارتساماته التي نشرتها جريدة «ليموند» الباريسية بتاريخ 26 / 2 / 1953:
إن الحوادث الخطرة تملأ أيامنا بتونس منذ إبعاد بورقيبة، والجو ثقيل قد زادته مظاهر القوة ثقلا (سيارات حاملة للرشاشات، أعوان البوليس مرتدين خوذاتهم، جنود متنقلة)، ثقيل أيضا لما يجري على المارين - التونسيين فقط - من مراقبة من غير تمييز؛ يفتش التاجر الهادئ والحاكم الوقور كأنهما قطاع طريق، ولأقل احتجاج يصدر منهم يهانون بالدفع واللكم، ويرسلون إلى المعتقلات تحت مطر كأنه الثلج بردا، جو يسوده القلق في انتظار أخبار داخل القطر.
وزيادة في القمع والنكاية، أخذت المحكمة العسكرية الفرنسية تصدر بسرعة عجيبة أحكامها القاسية على المعتقلين التونسيين، فحكمت يوم 25 على شبان غالبهم من الطلبة الزيتونيين، وكان قد ألقي القبض عليهم أثناء المظاهرة التي دارت أمام السفارة العامة، وكان الحكم في الغالب بخمس سنوات سجنا.
8
لم تزد الحالة العامة إلا ارتباكا منذ اعتقال الحبيب بورقيبة يوم الجمعة 18 يناير، واهتزت بلاد تونس كلها اهتزازا، وهبت عليها عاصفة من العنف والمظاهرات الدامية التي سقط أثناءها عشرات وعشرات من الشهداء ومئات من الجرحى، وستتوالى الأيام الحالكة من غير انقطاع؛ إذ نحن في بداية معركة ستدوم أعواما، وإنما هي بوادر انتشار الحريق واندلاع ثورة لا يطفئها الحديد والنار، وقد عمت جهات بأسرها، وما أن بلغ خبر اعتقال الزعماء إلى الأنحاء المختلفة حتى أعلن الإضراب العام، وسار الشعب في مظاهرات كبرى في جميع المدن والقرى، ورد العدوان الفرنسي بما لديه من وسائل. (3-1) في جهة بنزرت
Unknown page