205

Tuhfat Umara

تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء

Investigator

عبد الستار أحمد فراج

Publisher

مكتبة الأعيان

Genres

History
ومر يوم حسن طيب إلى وقت العصر، وإذا العباس الفرغاني حاجبه قد دخل وقال: يا سيدنا، قد حضرت بدعة الكبيرة وهي في طيارها تستأذن للوصول. فأطرق مفكرًا ثم رفع رأسه وقال: ارفعوا ما ها هنا من الأواني. فرفع إلا قليلًا، ونهضت المغنيات اللواتي كن قدام الستارة، وأمره بالإذن لها. فدخلت ووقفت بحضرته ثم تقدمت وقبلت يده وقالت: بلغني أن سيدي الوزير قد نشط للشرب فحضرت للخدمة. فأمرها بالجلوس، وجلست وطلبت العود، فجيء به، وغنت فجودت، واستحسن أبو الحسن ما أتت به، وطرب عليه وشرب. ثم أخذ ربع قرطاس كان في دواته، وكتب شيئًا وقطعه، ودفعه إلي وقرأته فكان: إذا بدعةٌ جوّدت عودها ... تذلل في ضربها كل صعب تغنّي فتجني ثمار القلوب ... وتهدي سرورًا إلى كل قلب فاستحسنت ذلك، وكانت بدعة بالقرب مني. فقلت لها: إسمعي إلى ما وصفك الوزير به. وأنشدتها البيتين، فسرت وفرحت، وقامت مسرعة فقبلت يده ثم الأرض وعادت إلى موضعها وقالت: بالله يا سيدي إلا أعدت الشعر علي حتى أحفظه، ففعلت وحفظته وأدارته في حلقها، وعملت له لحنًا من وقتها، ثم ضربت وغنته، فجاء في نهاية الحسن. ونشط أبو الحسن، وتقدم برد المجلس ومن كان فيه إلى ما كان عليه. ولم يزل ذلك الصوت صوتنا عليها بقية ليلتنا. فقال أبو القاسم: فقلت لأبي عبد الله أبي: فلم كره حضور بدعة وهي من آلة الشرب وموصوفة بالحذق في ذلك الوقت؟ قال لأنه كان يتهمها بنقل أخباره إلى المقتدر بالله ﵀. قال أبو القاسم: وكان لأبي الحسن بن الفرات مطبخان في داره. فأما مطبخ

1 / 215