Tuhfat Umara
تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء
Investigator
عبد الستار أحمد فراج
Publisher
مكتبة الأعيان
Genres
History
طويلًا. فشغل ما رأينا منه قلوبنا، وظنناه لحادث حدث، فسألنا عن أمره، ودافعنا، وألححنا عليه، فحاجزنا، وقال: ما ها هنا إلا خير وسلامة. فقام ابن جبير، وكان من بيننا متهورًا مدلًا. فقال: تأمر أيها الوزير بأمر؟ قال: إلى أين؟ قال: أستتر وأستر عيالي، وسبيل هؤلاء الذين بين يديك أن يفعلوا مثل فعلي. قال: ولم؟ قال: تعود من دار الخلافة وأنت من الغم الظاهر في وجهك على هذه الصورة، ونسألك عن أمرك فتكتمنا، ولم تجر عادتك بذلك معنا، هل وراء هذا إلا القبض والصرف؟ فقال له: اجلس يا أحمق حتى أُحدثك السبب. فجلس. وقال: ويحكم، قد علمتم أنني أشكو إليكم نقصان هذا الرجل يعني المقتدر دائمًا وشدة تلومه واختلاف رأيه، وإنني أحب منذ مدة أن أزوره وأعرف قدر ذلك منه، وهل هو في كل الأمور أو في بعضها، وفي صغارها أم في كبارها؟ فقلت له اليوم في أمر رجل كبير ولم يسمه ابن الفرات: يا أمير المؤمنين إن فلانًا قد فسد علينا، وليس مثله من أخرج عن أيدينا. وقد رأيت أن أُقلده كذا، واقطعه وأُسوغه كذا وأكثر لتستخلصه بذلك، وتستخلص نيته، وتستديم طاعته، ولم يجز أن أفعل أمرًا إلا بعد مطالعتك، فما تأمر؟ قال: افعل. ثم حدثته طويلًا وخرجت من أمر إلى آخر، وقرب وقت انصرافي فقلت له: يا مولانا، عاودت الفكر في أمر فلان فوجدت ما نعطيه إياه مما استأذنت فيه كثيرًا مؤثرًا في بيت المال، ولا نأمن أن يطمع نظراؤه في مثل ذلك، وإن أجبناهم عظمت الكلفة، وإن منعناهم فسدوا، وقد رأيت رأيًا آخر في أمره. قال: ما هو؟ قلت: أن نقبض عليه ونأخذ نعمه ونخلده الحبس أبدًا. قال: افعل. فقلت: واويلاه كذا والله تجري حالي معه. يقال: إن ابن الفرات الكافي
1 / 134