Tuhfat Umara
تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء
Investigator
عبد الستار أحمد فراج
Publisher
مكتبة الأعيان
Genres
History
وثانيها: أنك أخذت توقيع الخليفة برد أملاكك وضياعك عليك، وقد تفرق أكثرها في أهل الدار والقواد والخواص فانتزعت ذلك من أيديهم ولم تعوضهم عنه. وقد أنفق أكثرهم النفقات العظيمة عليه، وانضاف هؤلاء إلى أولئك وصارت كلمتهم واحدةً في السعي عليك. وثالثتها: أن حلفت للخليفة وأنت في حبسه قبل أن تقلدت من وزارته ما تقلدته أنه لم يبق لك وديعة ولا ذخيرة إلا وقد صدقته عنها، ثم قعدت في ولايتك تطالب بالودائع ظاهرًا، وتستخرجها شائعًا، فكيف يمكن إصلاح فساد هذه أسبابه؟ ولكنني أُشير عليك برأي إن قبلته أحمدته. قال: وما هو؟ قلت تقسط على نفسك وكتابك وعمالك مالًا يقارب النصف من أحوالهم وتحمله إلى الخليفة فترضيه به، وأعقد لك مع السيدة عقدًا يقوم بأمرك معه، وأُحلفها عليه يمينًا تسكن النفس إلى مثلها. وأنت وهم قادرون على الاعتياض فيما تعطونه على مهل. فقال: أما هذا الرأي فقد أشار به علي جماعة من أسبابي، منهم موسى بن خلف وابن فرجويه، وأبو الخطاب، وهشام قال أبو الحسين: وإنما حدث ابن عبد الحميد أبي بهذا الحديث لتعلقه بذكره فخطأت جميعهم فيه، وقد كنت عندي بعيدًا من الخطأ، وقد شاركتهم فيه الآن. فقلت: وكيف؟ قال: ما بذل قط وزير ولا كاتب ولا عامل بذلًا على وجه المصادرة في ولايته إلا كان من أكبر دواعي الطمع. وأكثر أسباب الحجة عليه، لأن أعداءه يقولون قد بان الآن كثرة ماله وحاله بما بذله عفوًا من نفسه ووراء ذلك أضعافه. ويكون هذا القول مسموعًا مقبولًا، ويتم ما يتم وإن يدافع يومًا ومدة وقد مضى المال
1 / 112