فقال لي: أمنجِّمٌ أنت؟
فقلتُ: لا، وإنما أنطقني الله بذلك.
فذكر ذلك لوالده، فحرص عليه، إلى أن ختم القرآن وقد ناهز الاحتلام" (١).
قال لي الشيخ: "فلما كان عمري تسع عشرة سنة؛ قدم بي والدي [٤] إلى دمشق (٢) في/ سنة تسع وأربعين، فسكنتُ المدرسة الرّواحية (٣)،
_________
(١) نقل هذه الففرة عن المصنِّف: الذهبى في "تاريخ الإسلام" (ورقة ٥٧٤)، والسخاوي في "ترجمة الإمام النووي" (ص ٤)، والسيوطي في "المنهاج السوي" (لوحة ٤/ أ)، والسبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" (٥/ ١٦٦)، واليونيني في "ذيل مرآة الزمان" (٣/ ٢٨٤)، وعقب الشيخ عبد الغني الدَّقر في كتابه "الإمام النووي" (ص ٢٢) على هذه الحادثة بقوله: "وهكذا كانت فراسةُ هذا الشيخ المراكشي أنفع للمسلمين قاطبة من كلِّ عمل صالح له، إذ كان بسببه وسعيه ظهور عالم زاهد تقي قل أن يسمح!! الزمان بمثله؛ إلا في قرون متطاولة، وما نظنُّ أنه جاء مِن بعدِه مثلُه، بارك الله له في عمره القصير، وصنع منه في عصره وما بعده أعلمَ الناس، وأزهدَهم، وآمرَهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر".
(٢) ولم تسعفنا كتب التراجم عن رسم صورة تفصيلية عن حياته قبل بلوغ هذا السن؛ إلا شذرات تدل على أنه كان منصرفًا إلى إعانة أبيه في دكانه، والذي يبدو أن الشيخ النووي بالاضافة إلى هذا فإنه كان يتلقى قليلًا من العلم على شيوخ نوى.
انظر: "الإمام النووي وأثره في الفقه الإسلامي" (ص ٣٩) للدكتور محمود رجا، و"الإمام النووي وجهوده في التفسير" (ص ٢٩) لشحادة العَمري، و"الإمام النووي" (ص ٨) للطنطاوي، و"الإمام النووي" (٢٢) لعبد الغني الدقر.
(٣) المدرسة الرواحية: شرقي مسجد ابن عروة بالجامع الأموي ولصيقه، وشمال حيرون، وغربي الدولعية، وقبلي الشريفية الحنبلية، بانيها زكي الدين ابن رواحة، الحموي، التاجر، الغني، المعدّل، المتوفى سنة (٦٢٢ هـ)، درَّسَ بها ابن الصلاح، وابن البازي، وابن الزِّملكاني، وأبناء السبكي، وغيرهم، وقد أُنشِئَت هذه المدرسة نحو سنة (٦٠٠ هـ)، وأصبحت المدرسة الرواحية الآن دار سكن. =
1 / 45