الإيجاز في شرح سنن أبي داود السجستاني
رحمه الله تعالى
للإمام النووي
وفي مقدمات تحقيقه
تحفة الطالبين
في
ترجمة للإمام محيي الدين
تصنيف
علاء الدين علي بن إبراهيم ابن العطار
(المتوفى سنة ٧٢٤ هـ)
ضبط نصهما وعلّق عليهما وخرج أحاديثهما
أبو عبيدة مشهور حسن آل سلمان
الدار الأثرية
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 2
الإيجاز في شرح سنن أبي داود السجستاني
رحمه الله تعالى
1 / 3
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
الدار الأثرية
عمّان - الأردن - تلفاكس: ٦٥٦٥٨٠٤٥/ ٠٠٩٦٢
خلوي: ٧٩٥٩٤٣٤٥٦/ ٠٠٩٦٢ - ص ب: ٩٢٥٥٩٥ - الرمز البريدي: ١١١٩٠
الرمز الإلكتروني: alatharya١٤٢٣@yahoo.com
1 / 4
مقدمة المحقق
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فهذا كتاب مهم ينشر لأوّل مرة، وهو لعالم رباني، وإمام متفنّن، وضع الله القبول لمؤلفاته، وأحسب ذلك لإخلاصه وعلمه وأدبه، وسليم قصده، ودقة عباراته، وبديع وصفه، وجودة سبكه، وحسن اختياره، وأمانة نقله، وعفّة لسانه، وتجرُّده للحق وعدم تعصّبه، وسلامة منهجه في دورانه مع الدليل، وإعطائه خواصه من الحاكمية والشمول والثبات والعصمة، وأنه قابل للعمل والتطبيق، مع التحرِّي في صحَّته، وإعمال قواعد أهل الصنعة في ذلك.
ووضعتُ بين يدي هذا الكتاب -ألا وهو "الإيجاز في شرح سنن أبي داود السجستاني ﵀"- تعريفًا به، ودراسة مستقصاة عن المقدار الذي وصل إليه صاحبه فيه، وتتبّعت النقص الذي فيه، وجهدتُ في حصره وإثباته في مقدِّمته.
واستحسنتُ البدء بالتعريف بصاحبه ومؤلفه، وهو الإمام الجليل العلامة محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت ٦٧٦هـ)
1 / 5
رحمه الله تعالى بقلم صاحبه وأخصّ الناس به، وأقرب تلاميذه إليه، وأعرفهم به وبأحواله، وهو الإمام علاء الدين علي بن إبراهيم ابن العطار (ت ٧٢٤ هـ)، فقد أفرده بتصنيف سمّاه "تحفة الطالبين في ترجمة الإمام محيي الدين"، كان مرجعًا لمن أتى بعده، واعتمد عليه جمع من مترجمي النووي، وكانوا عيالًا عليه فيه، وكنت قد نشرته قديمًا، فأعدت النظر فيه، وزدتُ عليه وصححت أخطاء طبعيّة وقعت فيه، وألحقتُ فيه زيادات مهمة، جلها تخصُّ مؤلفات النووي والتعريف بنسخها الخطية، وإظهار طبعاتها المستجدة، وإثبات جهود العلماء حولها، والزيادات تشمل مواطن أخرى متفرّقة فيه.
والمرجو من الله أن أكون قد أصبتُ ووفّقتُ في ذلك، وأن يكتب لي الأجر في صنيعي هذا، الذي لا همَّ لي فيه إلَّا خدمة تراثنا المجيد، وديننا الحنيف، والله من وراء القصد.
وكتب
أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان
السادس عشر من رمضان من سنة ألف وأربع مئة وست وعشرين من هجرة النبي ﷺ
الأردن- عمان
1 / 6
مقدمة تحقيق "تحفه الطالبين"
وتشتمل على الموضوعات التالية:
- من أَفرد ترجمة الإمام النووي بكتاب مستقلٍّ.
- تعريف بكتاب "تحفة الطالبين".
- توثيق نسبته لمصنفه وأهميته.
- تاريخ تصنيفه.
- النسخة المعتمدة في التحقيق.
- صور عن النسخة المعتمدة في التحقيق.
- عملي في التحقيق.
- ترجمة ابن العطار.
- مصادر ترجمته.
- ترجمته.
1 / 7
من أفرد ترجمة الإمام النووي بكتاب مستقل
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفِرُه، ونعوذ بالله من شرور أنْفسِنا ومن سيِّئات أَعمالِنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له.
أما بعد:
فقد اعتنى العلماء والباحثون قديمًا وحديثًا بترجمة الإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي ﵀، وأفرده بالترجمة غير واحد، في كتبٍ لطيفةٍ مستقلَّة؛ منهم:
- تلميذه الشيخ الإمام العالم الزاهد علاء الدين علي بن إبراهيم ابن داود ابن العطار الشافعي، في كتابنا هذا، وسيأتي-إن شاء الله تعالى- الكلامُ عليه.
- الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر ابن عثمان بن محمد السخاوي (ت ٩٠٢ هـ) (١) في كتاب "المنهل العَذْب الرَّويّ، في ترجمة الإمام النووي"، طُبع في القاهرة عن جمعية
_________
(١) وقد عدَّه الأستاذ الشيخ علي الطنطاوي من تلاميذ الإمام النووي، فنقل في "ترجمة الإمام النووي" (ص ٢٦) عن السخاوي قوله: "وكانت مدة صحبتي له مقتصرًا عليه دون غيره من أول سنة ... "!!
1 / 9
النشر والتأليف الأزهرية، بعناية الشيخ محمود ربيع، سنة (١٣٥٤ هـ- ٩٣٥ م)، ثم طُبع طبعةٍ أنيقةٍ عن دار التراث بالمدينة النبوية، سنة ١٤٠٩هـ تحقيق محمد العيد الخطراوي.
- الشيخ العلّامة جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت ٩١١ هـ)، في كتاب: "المنهاج السوي في ترجمة الإمام النووي"، طبع في بيروت عن دار ابن حزم، تحقيق: أحمد شفيق دمج، سنة (١٤٠٨ هـ - ١٩٨٨ م).
- محمد بن الحسن اللخمي (ت ٧٣٨ هـ) في أربع ورقات؛ كما قال السخاوي (١).
- العلّامة الربّاني كمال الدين محمد بن محمد بن عبد الرحمن الشافعي القاهري المعروف بـ (ابن إمام الكاملية) (٢) وشيخها (ت ٨٧٤ هـ)، في جزء سمَّاه: "بغية الراوي في ترجمة الإمام النواوي".
- العلامة أبو الفضل النويري خطيب مكة، في جزء سماه: "تحفة الطالب والمنتهي في ترجمة الإمام النووي".
قال السخاوي: "وأفردها -أي: ترجمة الإمام النووي- أيضًا من مدَّة: العلامة الربَّاني كمال الدين إمام الكاملية وشيخها في جزء سمَّاه: "بغية الراوي في ترجمة النواوي"﵀ وقرأها -على ما بلغني- العلامة أبو الفضل النويري -خطيب مكة شرفها الله-.
_________
(١) في "ترجمة الإمام النووي (ص ٥٦)، ونقل كثيرًا منها في كتابه المرقوم، انظر مثلًا: (ص ٥٦، ٧٤ - ٧٥).
(٢) انظر اسمه وترجمته في "البدر الطالع" (٢/ ١٤٤).
1 / 10
وقد أخذها بعض الجماعة، فقال: إنه رتبها، وزاد عليها؛ لكونه استحسن جمعها، وما رضي وضعها، وسمَّاها "تحفة الطالب والمنتهي في ترجمة الإمام النووي"، ومن نفس التسمية يعلم المقصود.
ولو فرض -على سبيل التنزُّل- أن صاحب "التحفة" لم تكثر أوهامه، وكان ما زعمه -والعياذ بالله- صحيحًا؛ ما كان يجمل به هذا القول، بل اللائق الأدب مع أهل العلم والولايات، وإنزالهم منازلهم في البدايات والنهايات، ومن لم يجعل الله له نورًا؛ فما له من نور، وكأني به -ألهمنا الله رشدنا- قد أخذ ما وقع لي من الزَّوائد الفرائد، التي لا أعلم مَن سبقني إليها؛ مِن غير عزو، غافلًا عن قول القائل (١): "شُكر العلم عزوُه لقائله". "ولا حول ولا قوة إلا بالله" (٢).
- الشيخ شمس الدين محمد ابن الفخر عبد الرحمن بن يوسف البعلي؛ كما قال السخاوي (٣).
- أحمد بن محمد السُّحَيْمي المصري الشافعي (ت ١١٧٨هـ).
قال الأستاذ خير الدين الزِّرِكْلي في "الأعلام" (٨/ ١٤٩): "وأفردت ترجمته في رسائل؛ إحداها: للسُّحَيْمي".
_________
(١) قائلها أبو عبيد القاسم بن سلاَّم.
ذكر ذلك أبو عبد الله محمد ابن القاضي عياض بسنده في كتابه في "التعريف بوالده القاضي عياض" (ص ٨٢)؛ من طريق عبد الغني بن سعيد الأزدي به.
وقال الحافظ عبد الغني عقبها: "علَّقتُ هذه الحكاية مستفيدًا لها ومستحسنًا، وجعلتُها حيث أراها في كل وقت؛ لأقتَدي بأبي عُبيد وأتأدَّبَ بآدابه".
(٢) "ترجمة الإمام النووي" (ص ٥٧).
(٣) قال السخاوي في "ترجمة الإمام النووي" (ص ٥٧): "ومِمَّن علمته الآن ترجم الشيخ سوى من تقدم: وذكره".
ثم ذكر من ترجمه ضمن كتاب من غير إفراد، ثم قال (ص ٦٣): "واستيفاء الكلام في هذا المعنى يعسر".
1 / 11
- الشيخ عبد الغني الدَّقْر (معاصر)، في كتاب بعنوان: "الإمام النووي: شيخ الإسلام والمسلمين، وعمدة الفقهاء والمحدِّثين"، طبع في سوريا عن دار القلم، ضمن سلسلة: "أعلام التاريخ" (رقم ١٠)، آخر طبعاته سنة (١٤٠٧ هـ- ١٩٧٨م).
- الشيخ علي الطنطاوي (معاصر)، في كتاب بعنوان: "الإمام النووي"، طبع في سورية عن دار الفكر، ضمن سلسلة "أعلام التاريخ" (رقم ٤)، أول طبعة له سنة (١٣٨٠هـ -١٩٦٠م).
- الدكتور الشيخ محمود رجا مصطفى حمدان (معاصر)، في أطروحته للدكتوراه؛ بعنوان: "الإمام النووي وأثره في الفقه الإسلامي"، مقدمة لقسم الدراسات الإسلامية بجامعة البنجاب، بإشراف الدكتور خالد علوي، سنة (١٤٠٤ هـ-١٩٨٤ م)، مضروبة على آلة كاتبة.
- الشيخ شحادة حميدي العَمْري، في أطروحته للماجستير، بعنوان: "الإمام النووي وجهوده في التفسير"، مقدمة لقسم أصول الدين في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، بإشراف الدكتور فضل حسن عبَّاس، سنة (١٤٠٧ هـ- ١٩٨٧ م)، مضروبة على آلة كاتبة.
- الأستاذ أحمد عبد العزيز قاسم الحداد، له أطروحة ماجستير مطبوعة بعنوان: "الإمام النووي وأثره في الحديث وعلومه" نشر دار البشائر الإسلامية، سنة١٤١٣ هـ- ١٩٩٢ م.
- الأستاذ يعقوب كوج يغيت، له أطروحة ماجستير سنة ١٤٠٩ هـ بعنوان: "محيي الدين النووي: حياته وآثاره ومنهجه في شرح صحيح مسلم"، وهي بإشراف الدكتور رمضان أيفالي، مقدمة لمعهد العلوم الاجتماعية في جامعة سلجوق، قونيا، في تركيا.
1 / 12
- الأستاذ حميد الداودي، له أطروحة بعنوان: "الإمام النووي المحدّث الفقيه من خلال كتابيه "المجموع" و"المنهاج"، قدمت لجامعة محمد الأول، في كلية الآداب، وجدة - المغرب، سنة ١٤١٤ هـ.
1 / 13
تعريف بكتاب "تحفة الطالبين"
توثيق نسبته لمصنِّفه وأهميته:
نسبة كتاب "تحفة الطالبين في ترجمة الإمام النووي محيي الدين" صحيحة لمصنِّفه ابن العطار، إذ ما من أحد ترجم للإمام النووي؛ إلاَّ ونقل منه، واعتمد عليه.
فنقل منه -وأكثر- الذهبيُّ في ترجمة الإمام النووي في كتابيه: "تذكرة الحفاظ"، و"تاريخ الإسلام"، وكذلك السخاويُّ في "المنهل العذب الروي"، والسيوطيُّ في "المنهاج السوي"، إذ لا تمر فقرة من فقرات هذه الكتب؛ إلا وفيها: "قال ابن العطار".
إلا أن الذهبي نقل نصوصًا صدَّرها بقوله: "قال ابن العطار"، ولم نجدها في الكتاب الذي بين أيدينا!
وتنبَّه لهذا الأمر -قديمًا- السخاويُّ؛ إذ قال: "قلتُ: وقد أفرد ترجمته بالتَّصْنيف خادمُه العلاَّمة علاء الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن داود الدِّمشقي، عُرف بـ (ابن العطار)، الذي كان لشدَّة ملازمته له، وتحقُّقه به؛ يقال له: (مختصر النووي)، استوفيتُ مقاصده هنا، وهو عمدتي، بل عمدة كلّ من أتى بعده".
1 / 14
ووقع في كلام الذهبي في "سير النبلاء" (١) أنه في ست كراريس (٢)، والمتداول بالأيدي في كراس وشيء، فيُحتمل أن يكون كتب فيه جميع المراثي، ثم حذفها منه بعضُ النساخ، ووجدتُ في نسخةٍ وقفتُ عليها ما يُسْتَأنسُ به لذلك.
وظاهر صنيع الذهبي في "تاريخه" مشعرٌ بكون التي وقف عليها فيها لم يستوفِ المراثي فيها.
وقد وقفتُ على نسخة بجميع المراثي (٣) بخطّ تلميذه، شيخ شيوخنا، المسنِد، شهاب الدين أحمد ابن البدر حسن؛ لأبيه، وهو أبو عبد الله محمد ابن الواعظ أبي عبد الله محمد بن زكريا بن يحيى بن مسعود بن غنيمة السويداوي، عُرف هو وأبوه بـ: (القدسي)، كتبها بالخانقاه السميساطية بدمشق، وهي بسماعه على مؤلِّفها، بقراءة المحدّث ناصر الدين أبي عبد الله محمد بن طغر بك بن الصيرفي؛ سوى ورقتين، فبقراءة السويداوي، وذلك في ثلاثة مجالس، آخرها يوم الأربعاء، سادس عشر ربيع الآخر، سنة أربع وعشرين وسبع مئة، بمنزل المؤلف، بدار الحديث النورية بدمشق، وصحح بخطه.
وكتب السويداوي أن المصنف ابتدأ في تصنيفها في منتصف شعبان سنة ثمان وسبع مئة، ودعا له بقوله: "عافاه الله، وأحسن عقباه".
_________
(١) هذا يؤكد أن القسم المطبوع من "سير أعلام النبلاء" ناقص من آخره، إذ لا وجود للنووي وطبقته فيه، وقد صرَّح السخاوي أكثر من مرة بالنقل من "السير" في ترجمة الإمام النووي.
(٢) وقال في "تذكرة الحفاظ" (٤/ ١٤٧٢): "وقد جمع ابن العطار سيرة النووي في ست كراريس".
(٣) وكذا نسختنا هذه، وهي بخط أخيه؛ كما سيأتي.
1 / 15
وسبب ذلك أنه كان أصيب بالفالج من قبيل سنين، ويحتمل أن يكون تصنيفًا آخر، وهو بعيد، لكن يستأنس له بما وجدته في كلام الذهبي مدرجًا في كلام ابن العطارة مما لم أقف عليه في النسختين" (١).
انتهى.
قلت: ولا يبعد أنَّ نقل الذهبي عن ابن العطار مما شافهه به، وهذا يؤكد مقولة السخاوي السابقة: "ويحتمل أن يكون تصنيفًا آخر، وهو بعيد"! ويستأنس لهذا بما قاله ابن العطار في كتابنا هذا (ص ٩٧): "ورأيت منه أمورًا تحتمل مجلَّدات ".
وما قاله ابن العماد الحنبلي في "شذرات الذهب" (٦/ ٦٤): "وله معه حكايات، واطلع على أحواله".
وقد رأى الكتاني كتاب ابن العطار، وصرح أنه في مجلد، فقال في "فهرس الفهارس" (٢/ ٨٢٩) في ترجمة ابن العطار: "صاحب الشيخ محيي الدين النووي، وجامع ترجمته في مجلد، وقفت عليه بدمشق، وعليه خطه".
وذكر هذا الكتاب ونسبه للمصنِّف جماعة؛ منهم: حاجي خليفة في "كشف الظنون" (١/ ٣٦٨)، وإسماعيل باشا البغدادي في "هدية العارفين" (١/ ٧١٧)، وعمر رضا كحالة في "معجم المؤلفين" (٧/ ٥)، وصلاح الدين المنجد في لمعجم المؤرخين الدمشقيين" (ص ١٢٨)، وقال: "في كراس على قول السخاوي، وستة كراريس على قول الذهبي". وغيرهم كثير.
_________
(١) "ترجمة الإمام النووي" (ص ٥٥)، ولم ينقل السخاوي شيئًا في كتابه عن ابن العطار، إلا وله ذكر في نسختنا، إلا ما صرح به أنه غير موجود في نسخته أيضًا، وهذا يؤكد أن زيادات الذهي مما شافهه به ابن العطار، والله أعلم.
وانظر: "الإعلان بالتوبيخ" (ص ٣٨١).
1 / 16
تاريخ تصنيف الكتاب:
قال السخاوي -فيما سبق- نقلًا عن ناسخ الأصل الذي كان بين يديه من ترجمة ابن العطار: "وكتب السويداوي أن المصنّف ابتدأ في تصنيفها منتصف شعبان سنة ثمان وسبع مئة".
وذكر حاجي خليفة في "كشف الظنون" (١/ ٣٦٨) أن الشيخ ابن العطار ألفها سنة سبعين وسبع مئة!!
وهذا خطأ، إذ وفاة ابن العطار -كما سيأتي- كانت سنة (٧٢٤ هـ)، فكيف يتصور صحة مقولته؟!
ومما يوكِّد ما قاله السخاوي عدَّة أمور:
أولًا: جاء على طرة النسخة الخطيَّة التي اعتمدناها في التحقيق ما يلي:
"ابتدئ في تبييضها منتصف شعبان سنة ثمان وسبع مئة".
ثانيًا: صرَّح المصنِّف في كتابه أن ابن صَصْرى التَّغلبي -ممن رثى الإمام النووي- حضر مجلسه في سنة اثنتين وسبع مئة (١).
وذكر الحسين بن صدقة -ممن رثى الإمام النووي أيضًا- وقال: "عفا الله عنه" (٢).
وتدل هذه العبارة أن ابن صدقة كان ميتًا حينذاك، وإذا علمنا أن وفاته كانت بعد (٧٠٥هـ) -كما قال ابن حجر في "الدرر الكامنة" (٢/ ٥٧) - فلا أقل من أنه صنَّفه بعد هذه السنة بسنة واحدة.
_________
(١) انظر (ص ١٢٠)، وهذا يدل على أنه ألَّفه بعد هذا التاريخ.
(٢) انظر (ص ١٣٩).
1 / 17
النسخة المعتمدة في التحقيق:
اعتمدتُ في تحقيق هذا الكتاب على نسخة خطية نفيسة، بخط العالم الفقيه الشيخ جمال الدين داود بن إبراهيم بن داود، أبي سليمان، الدمشقي، الشافعي، أخي المصنِّف، إذ جاء في آخرها ما نصه:
"ووقع الفراغ من هذه الترجمة يوم الخميس، سابع ربيع الآخر، سنة أربع وأربعين وسبع مئة، على يد الفقير إلى الله تعالى: داود بن إبراهيم بن داود ابن العطار، عفا الله عنه، وعن والديه، وعن جميع المسلمين".
قال الذهبي في ترجمة الناسخ: "سمع الكثير، ونسخ كتبًا كبارًا، وله أثْباتٌ وأصولٌ، وليَ مشيخة القَلِيجيَّة بعد أخيه، حدثنا عن ابن أبي الخَيْر وغيره، وله أجزاء عالية، وفيه تعبُّدٌ وخير، ولد سنة خمس وستين وست مئة [٦٦٥ هـ- ١٢٩٧ م]، وهو أحدُ إخْوتي من الرَّضاعة" (١).
وتوفي ليلة الخميس ثالث جمادى الآخرة من سنة اثنتين وخمسين وسبع مئة (٢).
وعارضها الناسخ على نسخة المصنِّف، فجاء في هامش اللوحة الأخيرة من المخطوط ما نصُّه:
"بلغ معارضة بأصل مؤلِّفه بخطه ﵀ كتبه إبراهيم بن داود".
_________
(١) "المعجم المختص بالمحدِّثين" (ترجمة رقم ١١٠).
(٢) انظر ترجمته في "المعجم الكبير" (رقم ٢٥٢)، و"ذيل العبر" (٤/ ١٥٨ - ١٥٩)، و"الدرر الكامنة" (٢/ ١٨٥)، و"الوفيات" (٢/ ١٤٣ - ١٤٤)، و"الدارس" (١/ ٤٥٧)، و"شذرات الذهب" (٦/ ١٧٢).
1 / 18
وخطها واضح ومقروء؛ إلا أن الرطوبة أصابت قسمًا يسيرًا جدًّا منها، فلم تؤثر إلا على الكلمة الأخيرة من السطر الأول من اللوحات الأخيرة التي على اليمين، وعلى الكلمة الأولى من السطر الأول -والثاني في بعض الأحايين- من أغلب اللوحات الأخيرة التي على الشمال.
والمخطوط يقع في (٤٦) ورقة، في كل ورقة لوحتان، عدا الغلاف، وورقة بعده؛ فيها كثير من التملكات، وثَبَتٌ في أسماء من قرأه، وتكررت فيه هذه العبارة: "طالع هذه الترجمة الميمونة متبركًا بمآثر المترجَم العبدُ الفقير إلى الله تعالى ... ".
وعلى الغلاف ما صورته:
"تحفة الطالبين في ترجمة شيخنا الإمام النووي محيي الدين، قدس الله روحه، ونوَّر ضريحه.
تصنيف: الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد علاء الدين علي بن إبراهيم بن داود ابن العطار الشافعي -عفا الله عنهم-".
وعليها تملكات كثيرة؛ من بينها:
"الحمد لله، مِن نعم الله على عبده: محمد بن أحمد بن عبد الهادي" (١).
****
_________
(١) وقد رأيتُ الكتاب مطبوعًا عن نسخة خطية أخرى محفوظة بمكتبة محمدي بولاية مدارس بالهند، بتحقيق فؤاد عبد المنعم، عن مؤسسة شباب الجامعة بمصر، وفيها نقص، ووقع كثير من التصحيف والأخطاء فيها، فاقتضى التنبيه والتنويه.
1 / 19
صورة عن طرة النسخة المعتمدة في التحقيق
1 / 21
صورة عن اللوحة الأولى من المخطوط
1 / 22